Tuesday, June 21, 2022

الرسوم على الطرق، لماذا؟ 21 6 2022


أطلق الأردن رؤية التحديث الاقتصادي في 6 حزيران 2022، وهي مخطط للإنجازات الاقتصادية (366 مبادرة مقدمة في الرؤية، تغطي 35 قطاعاً رئيسياً وقطاعاً فرعياً) وعلى مدى السنوات العشر المقبلة. حيث ان الهدف من إحدى المبادرات والمتعلقة بالبنية التحتية هو تحسين البنية التحتية للنقل والخدمات ذات الصلة، ووضع خطة استراتيجية للنقل العام في جميع أنحاء الأردن، والعمل على رفع كفاءة إدارة الطرق.

وعليه، أعلنت الحكومة أنها ستقوم بالبدء بفحص تفاصيل أولويات ومبادرات رؤية التحديث الاقتصادية في 18 حزيران 2022. وفي ذات الوقت أصدرت الحكومة إعلانات وأخبار كانت للأسف كلها سلبية المحتوى فيما يتعلق بالطاقة والغذاء والماء، وكأن هنالك من يرغب بإطفاء الامل ووأده في كفن من الظلمة والبؤس.

يُظهر مسح سريع للرؤية ورود كلمة "رسوم المرور" مرة واحدة فقط، ولكن رغم ذلك، فقد حظيت باهتمام واسع من قبل الحكومة، حيث ذكرت وسائل الإعلام أن البنك الدولي درس الأسس المالية لمشروع تحسين إدارة الطرق والطرق السريعة في الأردن. وبالتزامن مع هذا بدأت الحكومة بالحديث فوراً عن فرض رسوم على الطرق والطرق السريعة وحددت بالفعل حجم التعرفة للاستخدام على الطرق ذات الرسوم (0.11 دينار للكيلومتر للمركبات الصغيرة و 0.22 دينار للكيلومتر الواحد للشاحنات)، وهو امر غير معتاد للغاية.

الخطاب برمته غريب، وهذا اقل وصف ممكن ان يقال. فماذا عن كل المشاريع في رؤية التحديث الاقتصادية؟ ولماذا اختير فقط ذلك المشروع الذي يتطلب فرض رسوم، بدلاً من المشاريع التي توفر وتعزز فرص التنمية؟ سأترك الجواب لأصحاب الجواب.

عادةً ما تستخدم الدول رسوم التعرفة لتمويل طرق جديدة مختصرة توفر الوقت والمال للركاب، ولا يتم تحصيلها مقابل الطرق الحالية أو العادية. حيث أنها تعتبر وسائل بديلة وأكثر فاعلية، ويكون استخدامها اختياري. وإن تم بناء هذه الطرق من قبل المستثمرين بشكل أو بآخر من خلال مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، تدخل الحكومة (المركزية أو المحلية) في مفاوضات مع المستثمر لتحديد الرسوم لتعويض المستثمر عن تكلفة بناء طريق، كما لا يكون ملزماً الاستمرار في الرسوم نفسها بعد تعويض المستثمر بالكامل (التكلفة بالإضافة إلى هامش الربح) لأنها وسيلة لتسهيل الاستثمار وليست مصدرًا جديدًا للإيرادات الحكومية.

ويتطلب عادة مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ما لا يقل عن سنة واحدة من الاستعدادات والمفاوضات والعطاءات؛ كما يجب أن يمر بالموافقات الحكومية المتعلقة باختياره كمشروع  شراكة بين القطاعين العام والخاص؛ وإجراء دراسة جدوى مناسبة؛ مع وجوب عمل تصميم تقني تفصيلي؛ وتحديد وثائق العطاء (وثائق دعوة للتقدم للعطاء، كيفية اختيار الفائزين بالعطاء، وآليات وسبل الموافقات النهائية(.

وفي غضون ذلك، يتعين على وزارة المالية الالتزام بتخصيص الموارد اللازمة على مدى عدة سنوات، وتلتزم الحكومة بأن تقدم تعهدات وضمانات شفافة لعدة سنوات للمستثمرين. أي وبمعنى آخر، يستلزم مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص العديد من الخطوات ويشتمل على مدخلات وموافقات العديد من الكيانات والمؤسسات، ليتم في نهاية الدرب تحديد الرسوم. لذا فإن تحديد الروسم قبل البدء بمثل هذه العملية الشاقة والطويلة هو أمر غير منطقي.

بالإضافةً إلى ذلك، يتساءل المرء إذا كانت دراسة البنك الدولي قد أخذت في الاعتبار الفروق الدقيقة والعديدة التي تتعلق بقطاع النقل في الأردن عن غيرها من الدول. تستوفي الأردن كافة أنواع الضرائب والرسوم على المركبات والتي تبلغ 80-140 بالمائة من القيمة الأصلية للسيارة. علاوة على ذلك، يتم فرض الضرائب على الوقود بشكل يزعم انها لجميع أنواع الأغراض مثل البيئة، وصيانة الطرق وغيرها. ونظرًا لأن الدستور لا يسمح لدخل الحكومة من الرسوم أو الضرائب بالذهاب إلى غرض محدد، على الرغم من أنها فرضت بالأساس لهذا الغرض، فإن الرسوم المفروضة تذهب إلى الخزينة ليتم إنفاقها على جميع المجالات، بما في ذلك، وربما، صيانة شبكات الطرق  (أعتقد أن الصيانة، بناء على ما هو حاصل، ليست من أولويات الانفاق).

هنالك ملاحظة أخرى تستدعي الحديث، فمن المنطقي أن لا تبدأ أي خطة تحديث تعد بمستقبل باهر وأفضل بفرض ضريبة أو رسوم أو ضريبة أو ارتفاع في الأسعار أو أي عبء إضافي على سكان أي بلد. حيث يسعى صانع السياسة الحكيم إلى الحصول على دعم وتأييد السكان أولاً، والذي يتم تحقيقه على أفضل وجه من خلال إدخال بعض الفوائد والمكاسب السريعة، وليس الأعباء والرسوم، لا سيما في بلد تدهور فيه دخل الفرد والثروة على مدى السنوات الاثني عشر الماضية.

Tuesday, June 14, 2022

مأزق النقل العام 14 6 2022


ليس سرا أن استيراد السيارات في الأردن عبء على المواطنين وعلى ميزان المدفوعات. لذلك قد يعتقد المرء أن تحسين نظام النقل العام يجب أن يكون من أولويات الحكومة. فلماذا لا تقوم الحكومة بتحسين وتطوير نظام النقل العام؟ الإجابة ليست مباشرة كما يتوقع المرء.

 دعا تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "تشخيص وتوصيات النقل العام الأردني"، والذي صدر في 6 حزيران 2022، إلى إيجاد نظام نقل عام فعّال من حيث التكلفة وموثوق في المملكة. تشير التقديرات إلى أن نظام النقل الحالي يُكلّف البلاد حوالي 3 مليارات دولار من الخسائر سنويًا بالإضافة الى خسارة الإنتاجية (حوالي 65 مليون دولار في السنة) نتيجة لانخفاض مشاركة المرأة في الاقتصاد والخسارة المتحققة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (500-1000 مليون دولار في السنة).

 قبل الإجابة على التساؤل(لماذا لا تحدثه الحكومة)، دعونا نتذكر أنه في عام 1911 كان لدى الأردن شبكة سكك حديدية للركاب والبضائع وكانت قطاراتها تعمل بالنفط الأردني (الزيت الصخري). الآن، بعد 111 عام، لا يزال الأردن يفتقر إلى شبكة سكك حديدية وطنية تربط مدنه وسكانه. علاوة على ذلك، فإن مشاريع السكك الحديدية المقترحة مؤخرًا هي إما صغيرة جدًا من حيث الحجم بالنسبة لشبكة الماضي أو محدودة النطاق من حيث الغاية.

 من الأسباب التي يتم الاستشهاد بها في كثير من الأحيان لعدم وجود محاولة جادة لمعالجة نظام النقل العام في الأردن هو أن الموازنة العامة تعاني من عدم المرونة المالية، مما يعني أنه لا يوجد مكان فيها لنفقات رأسمالية على المشاريع الكبرى مثل نظام النقل العام، بما في ذلك شبكة السكك الحديدية الوطنية.

 ولكن يمكن معالجة مسألة التمويل من خلال مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص كما كان الحال حين تم انشاء مطار الملكة علياء الدولي الجديد قبل بضع سنوات، وبالنسبة للمشاريع المقترحة داخل صندوق الاستثمار السعودي الأردني والذي أعيد تنشيطه مؤخرًا. أيضًا، مُسلّحة بتقرير البنك الدولي هذا وعدد كبير من الأعمال والبحوث الأخرى، يمكن للحكومة الاتصال بالمانحين للمساعدة من خلال المنح أو القروض الميسرة في تمويل هذا المسعى، لكن هذا لم يحدث بعد.

 

فلنفكر بالأمر اذا بطريقة أخرى: هل من الممكن أن يكون السبب هو أن الحكومة غير قادرة على تحمل خسارة جزء كبير من إيراداتها من استيراد حافلات النقل الخاصة؟ أي أن استيراد الناس للسيارات اوجد مورد دخل للحكومة لا يستهان به، ولا يسهل الاستغناء عنه. وفي حال أن الحكومة أوجدت نظام نقل عام كفؤ وملائم سيقل حجم استيراد السيارات وبالتالي الرسوم والضرائب الناجمة عنه. لنراجع الأرقام: الحكومة تحقق 1145 مليون دينار سنويًا كضرائب على الواردات، والتي تكون السيارات جزأ لا يستهان به منها. كما أنها تحصل على 355 مليون دينار سنويًا من الجمارك والغرامات التي يأتي جزء كبير منها من استيراد المركبات. أيضًا، هنالك عدة تدفقات دخل سنوية ناجمة عن دخول المركبات إلى البلاد، مثل 110 مليون دينار من تراخيص المركبات، و 61 مليون دينار من تسجيل المركبات، و 20 مليون دينار من إصدار وتجديد إصدار رخص القيادة. من شأن نظام نقل عام كفؤ وملائم يغني عن اقتناء مركبة خاصة أن يقلل بشكل كبير من تدفقات الدخل هذه؛ وبالتالي سيزداد العجز في الموازنة التي تعاني من عجز متزايد. بمعنى آخر، هناك حالة تضارب واضح في المصالح بين ما هو مفيد للبلد وما هو مفيد للحكومة. أي أن حل معضلة من شأنه أن يخلق معضلة أخرى قد تكون أكثر الحاحا (على الأقل بالنسبة للحكومة).

ومع ذلك، سيكون هذا نوع خاطئ من التفكير وقصير النظر ويفتقر بشدة إلى الرؤية والحكمة لأن التحسينات في الاقتصاد من شأنها أن تعوض الحكومة من خلال تعزيز الإنتاجية والنشاط الاقتصادي على المدى المتوسط ​​والطويل عن النقص الفوري في الإيرادات.

إن التحسن في الاقتصاد الكلي وميزان المدفوعات سيعود بفوائد أكثر بكثير من تكلفة إصلاح وتحديث نظام النقل، ولهذا السبب تتنافس البلدان في جميع أنحاء العالم على تحسين أنظمتها باستمرار. ودعونا نتذكر ان التقرير يقول بخاسرتنا لأكثر من 3 مليار دولار سنويا.

كل ما هو مطلوب هو بعض من الإيمان وكثير من الفعل.

Sunday, June 5, 2022

تكلفة الإشاعات والتشاؤم والأكاذيب 5 6 2022


لا يمر أسبوع في الأردن دون إشاعة أو عرض مملوء بالسلبية ينتشر كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي مانحة الصوت لمن لا صوت لهم والمنصات لأي شخص لديه إمكانية الربط على الإنترنت ومكنت بالإضافة الى نشر المعلومات الصحيحة نشر معلومات كاذبة وشائعات ونظريات مؤامرة وادعاءات لا أساس لها لتزدهر في بيئة محفوفة بعدم اليقين وتضارب المعلومات وغموضها.

تتيح منصات التواصل الاجتماعية، مثل فيسبوك وتويتر وواتساب وانستاجرام للمستخدمين بناء مجتمع إلكتروني وعزل البعض من خلال ما يسمى "فقاعات التصفية" (عزلة فكرية تنتج عندما تُخمّن خوارزمية الموقع الالكتروني المعلومات التي يرغب المستخدم في رؤيتها استنادًا إلى معلومات حول المستخدم ذاته مثل الموقع وسلوك النقر السابق وسجل أو تاريخ البحث الذي يقوم به).

من المعروف في أدبيات التواصل أن عدم اليقين يقلل من التوقعات الجماهيرية الإيجابية ويُعزز من التشاؤم في المجتمع. ومن المعروف أيضا أن فقدان التفاؤل واعتناق التشاؤم لا يخلوا من الثمن، لأن التفاؤل وعكسه، التشاؤم، قوتان تحركا العرض والطلب أسرع من أي محرك آخر لأن الاخبار والتصريحات السالبة تنتشر أكثر من تلك الإيجابية، فالكاذبة منها تصل إلى ما بين 10,000 و 100,000 حساب فردي أو شخص، بينما من النادر أن يصل الخبر الحقيقي إلى أكثر من 1000.

ولا يمكن أن يكون تأثير الأخبار الكاذبة والإشاعات المتشائمة على المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلا سالبا. فهي لا تقوض رفاهية الأمة فحسب، بل تعرقل أيضًا أي محاولة للإصلاح مع تآكل الثقة بين الحكومة والشعب.

كما تشير الدراسات إلى أن الشائعات السلبية غالبًا ما تؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها في ظل تواجد وسائل التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال، انتشرت شائعة على تطبيق واتساب في بلدة صغيرة في المكسيك في آب 2018 تزعم أن مختطفي الأطفال كانوا يجمعون أعضاء بشرية، مما أدى إلى قيام حشد من أكثر من مائة شخص بحرق رجلين بريئين أحياء في بلدة مكسيكية صغيرة.

وتُظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث أن البشر يميلون إلى إعطاء الأولوية في التداول والاهتمام للأخبار السالبة على الأخبار الإيجابية. وفقًا لستيوارت سوروكا، أستاذ الاتصالات بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، قد يكون البشر مهيئين من الناحية العصبية أو الفسيولوجية للتركيز على المعلومات السالبة لأن التكاليف النفسية المحتملة للمعلومات السلبية تفوق بكثير الفوائد المحتملة للمعلومات الإيجابية، وهو رأي تم توكيده أيضًا في مجال الاقتصاد السلوكي.

هناك أدلة كثيرة على تحيز/تفضيل الناس للأخبار السلبية على الأخبار الإيجابية في الأردن. كل ما على المرء أن يفعله هو نشر شائعات نتجت عن سوء فهم، أو قلة الخبرة، أو عدم توفر المعرفة، أو شعور بالندية ضد الحكومة ليبدأ الجميع تقريبًا بالاقتباس والنشر والتوزيع وربما التهويل.

الاقتصاد، مع تعدد وتشعب قضاياه، وقلة الملمين بتحليلاته المعسورة، وكونه نظامًا معقدًا وديناميكيًا للغاية يتأثر باستمرار وبشكل مستمر بالمدخلات والمداخلات، ولأنه مجال كثير التأثر بالشائعات والمعلومات الخاطئة، حيث تؤدي التنبؤات الخاطئة والشائعات الى تحقق هذه التنبؤات، فإن ذكر عدد كافٍ من الأشخاص أن الاقتصاد سينهار، فإنه لا بد سينهار، كما يمكن أن تصبح الأسواق المالية ذات المضاربات عالية الوتيرة مملوءة بالشائعات والمعلومات المغلوطة مما يؤدي إلى قرارات مكلفة قد تدمر كفاءة ونجاعة السوق، وهو ما ينطبق أيضا على المنظمات والمؤسسات.

من المثير للدهشة أنه عندما يبدأ أحدهم بإشاعة حول الاقتصاد (وما أكثرها)، فإن قلة قليلة في الأردن تحاول معارضة مزاعمه. والمؤلم أن  القطاع العام عادة ما يتخذ موقفا صامتا تجاه هذه المعلومات المغلوطة، وهو أمر ليس بمفاجئ، فقد لا يدرك حقا صانعوا القرار قوة وأهمية الشبكات الاجتماعية، أو لا يعرفون كيفية معالجة الخطأ ومجابهة المعلومة بالأدلة والبيانات، أو أنهم من مدرسة ما قبل شبكات التواصل الاجتماعي ممن لا يفهمون ما حصل للعالم من تطور مع الثورة الرابعة (انترنت الأشياء) ويعتبرون هذه الشبكات ظاهرة مارقة وغير مهمة، أو أنهم من ذوي عقلية الصومعة (من أصحاب مقولة: "هذا ليس من شأني، دع شخص آخر يرد عليهم").

بغض النظر عن السبب والمسببات، فإننا وسط حقبة جديدة من التشابك بين المعرفة وعدمها، وزمان تتسارع وتتضاعف فيه قوة انعدام أو ضبابية المعلومة لتصبح وقودا للسلبية مما يتطلب المعالجة بفكر حديث وعمل سريع وذكي. دعونا لا ننتظر طويلا!

Wednesday, June 1, 2022

مصادر النمو والتضخم 1 6 2022

مع تسارع النمو الاقتصادي مؤخرا إلى حد ما، وكذلك التضخم الذي يقاس بمؤشر أسعار المستهلك، فإنه من المهم لواضع السياسات والمواطن معرفة مصادر النمو في الناتج المحلي الإجمالي والأسعار.

بحسب دائرة الإحصاءات العامة نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6 في المائة بالأسعار الثابتة في الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بنفس الفترة من عام 2020. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك لشهر نيسان 2022 بمقدار 3.59 ليصل إلى 105.99 مقابل 102.31 في نفس الشهر من عام 2021.

 يُعزى النمو في الناتج المحلي الإجمالي (2.6٪) إلى النمو في قطاع البناء (6.1٪) ، يليه النمو في قطاع التعدين والمحاجر (5.6٪). لاحظ أنه بالنسبة لعام 2022، سينمو قطاع التعدين والمحاجر بشكل كبير بسبب الاضطرابات والتأخيرات في سلاسل التوريد العالمية وزيادة الطلب على الأسمدة (الأردن مصدر رئيسي للفوسفات والبوتاس)، والحرب الروسية الأوكرانية، التي أوقفت إمدادات الفوسفات والبوتاس وسلع أخرى من هذين المنتجين الرئيسيين.

أيضا نما قطاع آخر بنسبة أعلى من المعدل العام وهو قطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق ، الذي نما بنسبة 3.5 في المائة، وهو ايضا سيشهد تسارع في النمو مع إزالة جميع القيود المتعلقة بـ COVID وتلبية العرض لارتفاع الطلب. لاحظ أن الطلب على السياحة محليا لن يتراجع هذا العام كما يتضح من بيانات السياحة الحالية.

وفي حال عدم حدوث صدمات عرض ناجمة عن قرارات اقتصادية محلية يجب أن ينمو الاقتصاد ليس بنسبة 2.6 في المائة ولكن بنسبة أعلى، وأيضا سيفوق معدل النمو طبعا ما توقعه صندوق النقد الدولي. مما سيكون خبرًا جيدا أيضًا لمتابعي الموازنة العامة حيث سيصبح خفض عجز الميزانية ممكنًا جدا مع أثر التضخم الايجابي على إيرادات الحكومة.

 وفقا لتقرير آخر لدائرة الاحصاءات العامة ، هناك ايضا  زيادة بنسبه مئويه قدرها 3.59  في الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر أبريل 2022 ليصل إلى 105.99 من 102.31 لنفس الشهر من عام 2021. ويُعزى ارتفاع الأسعار بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار المحروقات والإنارة (1.28 نقطة مئوية)، والنقل (0.73 نقطة مئوية)، والخضروات والبقوليات الجافة والمعلبة (0.43 نقطة مئوية)، واللحوم والدواجن (0.19 نقطة مئوية)، والزيوت والدهون (0.16) نقطة مئوية.

 وعلى أساس شهري (نيسان مقارنةً بآذار)، وصل مؤشر أسعار المستهلك إلى 105.99 لشهر أبريل 2022 مقابل 104.7 في مارس 2022، محققا بذلك زيادة بنسبة 1.20٪. وكان المساهم الرئيسي في هذه الزيادة هو زيادة أسعار المحروقات والإنارة بنسبة 1.13 نقطة مئوية، تليها اللحوم والدواجن (0.16 نقطة مئوية) في المرتبة الثانية.

 لذلك ، وبحسب البيانات الرسمية، فإن غالبية التضخم الحالي نتجت عن ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء، وهو بند إنفاق تتحكم فيه الحكومة من حيث الكمية والسعر. يدخل هذا البند أيضًا في تكلفة إنتاج واستهلاك كل الأشياء وأسعارها. وبالتالي، إذا رغب صانع السياسة في مكافحة التضخم حقًا، فإن الأدوات متاحة بسهولة.

 بناءً على ما سبق ، يجب على صانعي السياسات التركيز على النمو، حتى اذا كان على حساب دعم الطاقة حقًا لقطاع الصناعات التحويلية الذي يساهم فقط بـ 17.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي منذ خمسة عقود دون نمو. لتحقيق معدلات النمو المطلوبة والذكية والمستدامة، يجب التركيز على الابتكار المنبثق من شراكة قوية وعادلة بين القطاعين العام والخاص.