Monday, April 4, 2022

التضخم المتوقع 4 4 2022


يتحدث البعض عن ضغوط تضخمية قادمة مقرونة بأعلى معدل بطالة منذ 30 عام. يستورد الأردن 87 % من السعرات الحرارية  التي يستهلكها مواطنوه و93% من احتياجاته من الطاقة. لذا، تأثر وسيتأثر لاحقا بشكل أكبر بالزيادات العالمية في أسعار السلع الأساسية. ورغم أن التجار (المستوردون والموزعون وتجار الجملة والتجزئة) هم كبش الفداء التقليدي في تحمل وزر التضخم والتسبب في إرهاصاته، فإن المسؤولية تقع على كاهل الكثير للالتزام بالعمل للحد من التضخم المتوقع وآثاره السالبة.

يمكن أن يُعزى التضخم المتوقع إلى تطورات الإنتاج والشحن والتوزيع في الأسواق العالمية، فتعطّل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم نتيجة لوباء الكورونا تسبب في حدوث ارتفاعات كبيرة في تكاليف الإنتاج وحصول تباطؤ في التسليم وتوقف للعمل في الكثير من المصانع نتيجة عدم توفر مدخلات أولية أو وسيطة. بالإضافة إلى ذلك، أغرقت البنوك المركزية والحكومات الأسواق بالسيولة فسهلت الإقراض والتمويل لمواطنيها ومنتجيها لمنع حصول تشوهات اقتصادية دائمة كانهيار المؤسسات اقتصادية وارتفاع وتيرة البطالة، الأمر الذي أدى الى ازدياد الطلب في البلدان المتقدمة. علاوة على ذلك، اختار ملايين العمال في الاقتصادات المتقدمة طواعية الخروج من سوق العمل بحثًا عن حياة أكثر رفاها خارج نطاق العمل مما أدى الى ارتفاع أجور العمالة. لذا، حصلت ضغوطات تضخمية هائلة نتيجة انخفاض العرض الذي أتى مصحوبا بارتفاع الطلب. ثم أتت الحرب الروسية الأوكرانية بين دولتين كبيرتين منتجتين ومصدرتين للكثير من المواد الأساسية من القمح للنفط والغاز وغيرها من المواد الأساسية لتضيف هذه الحرب سبب جديد لارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم.

ومن هنا وجب التحوط في الأردن ووضع الخطط والأساليب لإعانة المواطنين وخاصة الفقراء ومحدودي الدخل، فارتفاع أسعار المواد الغذائية سيؤثر بشكل أكبر على الفقراء من أثره على الأغنياء، حيث أن الفقراء ينفقون حصة أكبر من دخولهم على الغذاء مما ينفقه الموسرون. ومن ثم، فإن أي سياسة تهدف إلى الحد من تأثير التضخم المتوقع يجب أن تركز على توفير الغذاء للفقراء او الأقل حظاً وبأسعار تفضيلية وتمكينية. كما أن أولئك الذين تكون دخولهم ثابتة وتتكون بشكل رئيسي أو كلي من الأجور هم أكثر عرضة للتضرر من التضخم من الأغنياء الذين تتولد دخولهم من أصول مالية واستثمارات ترتفع قيمتها ولو جزئيًا مع التضخم، مما يرفع من دخلهم الكلي.

كما يجب أن تقوم المؤسسات المالية وبإيعاز من الحكومة بتأجيل سداد أو حل القروض المتعثرة الناجمة عن سياسات الحكومة الاغلاقية لاحتواء كوفيد وذلك لتجنب التكلفة الاجتماعية التي قد تنجم عن ضائقة الديون. كما يجب تشجيع الوصول إلى الائتمان على نطاق أوسع وأسهل وأقل كلفة لأن الأردن ليس في مرحلة تضخم مرتفع حاليا مثل البلدان المتقدمة، كما أن الشركات والأفراد في الأردن ينفقون من مدخراتهم أو من خلال الاقتراض وليس من الدخل بسبب طول فترة التراجع (11 سنة)  في دخل المواطن الحقيقي في الأردن.

كما يتطلب الأمر تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم على السلع الأساسية كأداة لمحاربة التضخم فيقل بذلك السعر النهائي للمواطن. كما لا بد من تخفيض كلفة الطاقة بأكبر قدر ممكن عن طريق الغاء بعض الضرائب الخاصة بالطاقة. وعلى الحكومة أيضًا إجراء البحوث في مكوّنات الأسعار وعوامل ارتفاعها سواء في بلد المنشأ أو سبل الشحن أو داخل الأردن. أي يجب أن تكون الأجهزة التنظيمية قادرة على تشريح مكونات السعر وتحديد النسبة المئوية للارتفاع الناتج عن العوامل العالمية والنسبة المئوية التي ترجع إلى السلوك التواطئي إن وجد بين بعض كبار المستوردين. فإذا كان ارتفاع سعر سلعة ما ناتج عن تواطؤ ضمني أو صريح بين البعض، يجب اللجوء إلى المادة 5 من قانون المنافسة رقم 33 لعام 2004، وسيكون إثبات التواطؤ سهلاً نوعاً ما، فإذا تحرك كبار المستوردين بطريقة منسقة أو شبه منسقة، سيعتبر هذا دليل كاف على السلوك التواطئي بين البعض لاحتكار المواد او التحكم بالأسعار، ويجب أن يؤدي إلى تحقيق أعمق ومن ثم وضع العقوبات الرادعة.

يستطيع الأردن أن يقوم بالكثير لدرء أو تقليل مضار التضخم القادم خاصة بالنسبة للفئات الأكثر انكشافا له. ورغم أن الأردن كان متلقيا وليس صانعا للتضخم القادم، من الممكن أن يستخدم العديد من الإجراءات وأن يقاوم ويعاقب الجهاز التنظيمي كل من يحفّز تسارع التضخم أو ينميه داخليا.