Thursday, December 31, 2020

قطاعات وعمالة، وكورونا 31 12 2020

 


عانى الكثيرون من الانكماش الاقتصادي في الأردن مع إغلاق البلد لشهور عديدة في العام 2020، وخاصة أن الجائحة أتت مع أطول فترة انكماش في ذاكرة الأردن الحديث.  حيث تبلغ الخسائر الناجمة عن فيروس الكورونا في الأردن، حسب توقعات البنك الدولي، حوالي 8.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020، وهو رقم رغم أهميته، فإنه يخفي حقيقة أن الضرر لم يوزع بالتساوي على كافة القطاعات وفئات المجتمع، مما يدعو للتفكير فعلا، إن لم يتم ذلك الى حد الآن، في سياسات خارج الصندوق. 

كان هناك إجراءات حكومية في الأردن ساعدت على تخفيف وطء شبه التوقف في النشاط الاقتصادي، حيث وسّعت الحكومة في الأردن برامج المساعدة الاجتماعية (تكافل)، بما في ذلك مدفوعات إضافية مؤقتة لـCOVID-19، وقدّمت مدفوعات نقدية مؤقتة إلى 190 ألف عامل غير رسمي لم يكونوا من المستفيدين الحاليين من الحماية الاجتماعية، وقدمت الدعم العيني في توزيع المواد الغذائية، وقدمت وزارة العمل إجازة مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين للعاملين في القطاع العام، وسمحت للشركات الخاصة بتخفيض مساهماتها في الضمان الاجتماعي. وبهذا يقدر متوسط ​​الإنفاق في الأردن على الحماية الاجتماعية بنحو 24 دولارًا أمريكيًا للفرد. كما حالت  إجراءات البنك المركزي دون تبلور العديد من الخسائر في المقام الأول وظلت البنوك مرنة بشكل ملحوظ حتى أن الكثير منها حقق أرباحا خلال العام.

ولكن الواضح أن هذه الإجراءات لم تساعد كثيرا. بالنسبة للقطاعات فإن القطاع الأكثر تأثرا كان قطاع التعليم الذي تراجع بنسبة 50%، تلاه العقارات (49%)، والنقل والمبيت (43%)، بينما كان الاقل تأثرا قطاع العمل في القطاع العام والذي تراجع فقط بقيمة 10%، مما يعني أن أقل الناس تأثرا هم أولئك الموظفين في الحكومة.

وبينما ارتفع معدل البطالة في الربع الثاني من 2020 الى 23% مقارنة مع 19% في العام الذي سبقه، فلقد كان نصيب العمال المستضعفين أكثر بكثير من غيرهم. حيث وجدت مسوح منظمة العمل الدولية في الأردن أن ما يصل إلى 39 بالمائة من العمال المستضعفين (ليس لديهم عقود عمل) لم يعودوا يعملون بعد اندلاع الأزمة، وأن 31٪ من الأردنيين المستضعفين قد تم تسريحهم مؤقتًا، و17٪ تم تسريحهم بشكل دائم، و 41٪ في إجازة مدفوعة الأجر. وبالإضافة إلى ذلك، أشار 50٪ من عينة المسح الى زيادة ملحوظة في أسعار المواد الغذائية، ولم يحصل 29٪ على ما يكفي من الطعام في الأسبوع الماضي في الغالب لأنهم لا يستطيعون تحمل كلفته.

وحسب دراسة أخرى حديثة للبنك الدولي، وبناء على خط فقر وطني مطلق  يصل إلى حوالي 67 دينارًا للشخص الواحد شهريًا لعام 2019 ، نتج عن الكورونا والتعامل معها زيادة بنسبة 38 نقطة مئوية في معدلات الفقر بين الأردنيين، و 18 نقطة مئوية زيادة في معدلات الفقر بين اللاجئين السوريين، وسبب تأثر اللاجئين بشكل أقل كان لأنهم أقل اعتمادًا على دخل سوق العمل والتحويلات المالية وأكثر اعتمادا على دعم المنظمات غير الحكومية الدولية. كما تراجعت المدخرات واضطر الأردنيون مع ضعف الإقراض وخاصة لذوي الدخل المحدود للجوء إلى استراتيجية مواجهة سلبية واحدة مثل تقليل الوجبات أو تخفيض الإنفاق على الصحة والتعليم. أيضا، ازدادت فجوة الفقر (مدى البعد تحت خط الفقر) أضعافا مضاعفة.

لا بد لنا من اتباع حوار جديد يؤكد على مرونة واستدامة الاقتصاد في مواجهة الازمات الحالية والمستقبلية بدلا من الحوار الحالي القائم على الكفاءة والإنتاجية، وهو موضوع لمقال آخر.

تفاوت نسب إصابات ووفيات الكورونا في الأردن 31 1 2020

 


يُفاجأ المتصفح لقاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية، التي تُحدّث بشكل متواصل وآني، من أرقام الإصابات بسبب الكورونا في الأردن وعدد الوفيات المعلنة. وأشدد هنا على كلمة معلنة، حيث أنني اعتقد وكما يعتقد الكثيرون أن هنالك بعض الحالات في الأردن التي لا تنسب للجائحة، ربما لتخوف الأسرة من الإجراءات التي تلي مثل هذا الإعلان، كما أن خوف بعض المرضى من الذهاب للمستشفيات والاختلاط المحتمل بمصابي الجائحة قد أدى الى وفاتهم.

فمن حيث عدد الإصابات بالنسبة لعدد السكان فقد حل الأردن في المرتبة الخامسة عربيا (2.84%)، بينما جاءت البحرين في المرتبة الأولى (5.4%)، تلاها قطر (4.97%)، ثم الكويت (3.51%)، والأراضي المحتلة (2.97%). أما بالنسبة للوفيات فلقد جاء ترتيب الأردن كثاني بلد عربي في نسبة الوفيات لكل مليون نسمة حسب منظمة الصحة العالمية حيث وصل عدد الوفيات الى 370 وفاة لكل مليون، بعد تونس ( 382) التي شهدت مخاض الربيع العربي، تلاهما العراق (318)، ثم عُمان (293)، والأراضي المحتلة (286).

أما بالنسبة للعالم، فلقد وصلت نسبة الإصابات الى السكان عالميا حوالي 1.02%، ووصلت نسبة الوفيات 226 وفاة لكل مليون نسمة. أي أن نسبة الإصابات لدينا كانت اعلى من النسبة العالمية بنحو 180%، وفاقت نسبة الوفيات لكل مليون شخص في الأردن النسبة في العالم بحوالي 64%.

الأرقام، خاصة تلك التي تقارن وضعنا مع وضع البلدان العربية الأخرى،  تُنبئنا بما يلي: إما أننا لا نفحص بشكل كاف ولذلك ربما يكون عدد الإصابات أكبر، أو أن إجراءات التعامل مع المرضى ليست بذات الكفاءة عربيا أو عالميا، وربما يكون كلاهما معا. وقد تكون أسباب الإصابات عدم اهتمام البعض بإجراءات التباعد وارتداء الكمامات، وأيضا فشل سياسات الحجر المرهقة لاقتصاد مرهق بالأساس، ولكن هذا لا يُعفي بأي حال من كون الإجراءات الطبية للتعامل مع المرض.

وفي جميع الأحوال نستنتج بأن التفاوت بين الإصابات والوفيات مقلق جدا، الأمر الذي يدعونا للتفكير بسياسات وإجراءات صحية تختلف أو أكثر ملاءمة من تلك التي تبنيناها في العام الماضي.

نرجو أن يكون عام 2021 عاما أفضل من حيث التعامل مع الجائحة التي تستمر، وبقسوة أكثر من حيث إمكانية العدوى، وكل عام والأردن بكل من فيه بألف خير ومحبة وسؤدد.