Monday, April 17, 2023

عن تأجيل دفعات القرض الشهرية - 15 نيسان 2023

 

يطالب المستهلكون والتجار البنوك بتأجيل سداد قروضهم الشهرية، وقد أيد هذا الطلب ومبرراته مجموعة من البرلمانيين، وبالمقابل كان هنالك حجج تبدو موضوعية بالرفض من قبل المصرفيين أنفسهم، والعديد من النقاد. ولقد اكتسب هذا النقاش زخمًا خلال شهر رمضان المبارك وعطلة العيد القادمة.

رفع البنك المركزي الأردني سعر الفائدة الرئيسي من 2.5 في المائة في 3 آذار2010 إلى 7 في المائة في 26 آذار2023. ووفقًا لقاعدة بيانات البنك المركزي الأردني، فإن سعر الفائدة الجديد (7%) هو الأعلى منذ عام 2017، ليبلغ  التصعيد في سعر الفائدة 4.5 في المائة من خلال تسع زيادات اطلقها البنك المركزي خلال الفترة المذكورة. بالمقابل، كانت الأسباب المعلنة لهذه الزيادات سببين: أولاً، الحفاظ على جاذبية الدينار الأردني بالنسبة للدولار الأمريكي واستمرار سعر الربط بين الدولار والدينار منذ العام 1995؛ ثانياً، لمكافحة التضخم.

يخضع كلا السببين للنقاش، فهنالك دليل عملي قوي على أن الحفاظ على هامش سعر الفائدة بين الدينار والدولار الأمريكي غير فعال في جذب الودائع بالدينار، مقابل الودائع بالدولار، خاصاً عندما يكون معدل النمو الاقتصادي الحقيقي منخفضًا. أي وبعبارة أخرى، فإن الهامش التفضيلي الضئيل بين العملتين يكون دافعاً هزيلاً في الدفاع عن جاذبية أي عملةٍ، عند مقارنته بما يمكن خسارته في حال انهيار العملة، والذي يتخطى عادةً هذا الهامش بنسبة كبيرة. أي انه في حال سقوط عملة ما كما حصل في تركيا في الثمانينات مؤخراً وارجنتينا ومصر، كان بنسب أرقام مزدوجة. لذا، فان الهامش بين الدولار والدينار يكون أقل فاعلية في الدفاع عن عملةٍ إذا كان معدل نمو الاقتصاد الكلي بطيء.

ومن ناحية أخرى، فإن هامش سعر الفائدة بين الدولار والدينار يصبح فعالاً في جذب الودائع بالدينار عندما يكون الاقتصاد ومعدلات نموه في وضع جيد وهو ما حدث في الفترة 2008- 2004. أي ان التفاؤل الذي يتسبب به معدلات نمو اقتصادية مرتفعةٍ يقود الناس الى جعل ودائعهم بالدينار بدلا من عملات أخرى للاستفادة من هامش سعر الفائدة التفضيلي، حيث أن العقلانية تقودهم إلى وضع ودائعهم بالدينار لارتفاع الفائدة على الدينار بالنسبة للدولار.

أما الحجة الثانية وهي مكافحة التضخم ورفع سعر الفائدة كالوسيلة لمحاربته، فإن الحجة المستخدمة ليست دقيقة تماماً. فعلى الرغم من أن رفع سعر الفائدة قد يؤدي إلى تقليص المعروض النقدي وبالتالي تقليل السيولة في أيدي الناس، ففي حالة الأردن، أحد أكثر البلدان تحريرا للتجارة، حيث تشكل الواردات ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، ينبغي للمرء أن يأخذ بالحسبان أن ثلثي التضخم مستورد، تقرر أسعاره دول العالم المصدرة للأردن.

أيضا، وبما أن الاقتصاد مترابط ولا يمكن تحريك أحد مدخلاته أو جوانبه دون التأثير في كافة المدخلات الاخرى، فإن رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة الإنتاج، ويقلل من تدفق الاستثمار، ويقلل من الطلب على السلع التي تشكل جزءاً كبيرا من الدخل كالعقارات مثلاً، وبالتالي يقلل من معدلات النمو الاقتصادي مع عدم التأثير على التضخم في حد ذاته. وعلى سبيل المثال، في حين ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي في آذار 2023 بنسبة 0.9 في المائة، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين أيضًا بنسبة 3 في المائة (والذي يشكل حالة شاذة في اقتصاد إنتاجي)، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.91 في المائة، أي أن رفع سعر الفائدة لم يخفض من التضخم كما يعتقد البعض.

ويختلف الأردن عن الولايات المتحدة، حيث لا يُسمح للبنوك هناك برفع سعر الفائدة على القروض السابقة، فعندما يأخذ شخص ما قرضًا بسعر الفائدة القديم، لا يتأثر قرضه بزيادة سعر الفائدة، بينما يتأثر فقط أولئك الذين يرغبون في الاقتراض من جديد. ولكن في الأردن، يرتفع سعر الفائدة على كل من القروض القديمة والجديدة. وهو أمر غير صحي أو صحيح على الإطلاق. لماذا؟

فلننظر الى مثال حقيقي؛ حصل أحد الزملاء في العمل على قرض لمدة 30 عامًا بقيمة 37 ألف دينار أردني وبنسبة فائدة بلغت 5.75 في المائة قبل عامين. نتيجة رفع سعر الفائدة من المركزي قام البنك المقرض برفع سعر الفائدة الى 9.45 بالمائة، أي بزيادة قدرها 3.7 في المائة أو65 في المائة من الفائدة الأصلية. لم يقم البنك بزيادة أقساطها الشهرية فقط بل قام أيضاً برفع فترة السداد بما يقارب عامين. زميلتي، حتى لو فازت باليانصيب وأصبحت قادرة على سداد القرض مبكرًا، سيتعين عليها دفع المبلغ بالكامل بالإضافة إلى جميع مدفوعات الفائدة، حيث أن البنوك في الأردن تخصم أيضًا مدفوعات الفائدة أولاً، وهي ممارسة سخيفة. البنوك لدينا لا تخسر أبداً.

لاحظ أن عبء مخاطر القرض كاملة، والذي عادةً ما يكون مضمونًا بممتلكات عقارية تتجاوز بكثير قيمة القرض، يقع على عاتق المقترضين وليس على البنوك. كما أن البنوك لا تحتاج إلى الاقتراض من البنك المركزي الأردني لأن لديها ودائع كبيرة بالدينار والدولار، خاصة وأن الأردنيون اصبحوا يتجنبون أسواق الأسهم والعقارات لصالح الودائع المصرفية وفوائدها. وبما أنها لا تقترض من البنك المركزي فلماذا ترفع سعر الفائدة حين يرفعها المركزي؟ طبعا الإجابة معروفة: زيادة الأرباح.

هل يجب على البنوك تأجيل الدفعات هذا الشهر؟ من مبدأ المنافسة مع الآخرين والسعي وراء توسيع قاعدة العملاء فإن من المنطقي أن يفعل ذلك بنك واحد على الأقل أو أكثر. ولكن إذا تحركت البنوك بتوافق مع عدم تأجيل الدفعات قد يعتبر البعض هذا التصرف إشارة إلى وجود نوع من التواطؤ الضمني بين البنوك، وهو أمر غير قانوني بموجب قانون المنافسة الأردني وضار بالاقتصاد.

هل تأجيل سداد القرض (بفائدة) مجزٍ للمقترضين؟ يعتمد، فبالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الاستهلاك والانفاق الآن (رمضان والعيد مناسبتان لزيادة الإنفاق، تليهما فترة من الفقر الإضافي المؤقت) بأي ثمن، يجب أن يكون لديهم الخيار. اما من ناحية البنوك فهم لا يخسرون شيئاً، بل في الواقع يكسبون. أما إذا كان المرء مقتصدًا حتى في الشهر الكريم وموسم الأعياد، فمن الأفضل له عدم زيادة الانفاق وكلفة الاقتراض الآن.

هل من الجيد للناس من الناحية الاقتصادية أن يؤجلوا المدفوعات الآن لتمكينهم من الإنفاق أكثر حالياً؟ بالطبع نعم، حيث سيؤدي الطلب المتزايد إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، حتى لو كانت الزيادة بصورة مؤقتة، ففي كل الدول، وكما هو معروف احصائيا، ينفق الناس أكثر خلال الأعياد الدينية أو الوطنية المختلفة، فيتنشط الاقتصاد مع ازدياد الطلب خلال هذه الفترات ثم تنخفض وتيرة النشاط مع تراجع الاستهلاك بعد هذه المناسبات. وعلى سبيل المثال، يزداد النشاط الاقتصادي قبل وخلال فترة أعياد الميلاد المجيدة في الغرب في شهر كانون الأول، ولكي لا تتراجع الوتيرة في الشهر الذي يليه، تقوم المحلات التجارية بعمل تنزيلات ما بعد العيد لتنشيط وتمديد فترة الشراء.

هل القطاع المصرفي متضرر بما يكفي ويحتاج إلى السيولة، مما يبرر رفضه لتأجيل الدفعات؟ أبداً لا. لقد نما القطاع المصرفي بالأسعار الثابتة خلال السنوات الأربع الماضية بمعدل متوسط 3.5٪، وفي عامي2021 و2022، نما بنسبة 4.2 في المائة و4.4 في المائة على التوالي، بينما بلغ معدل نمو الاقتصاد 2.2 في المائة و2.5 في المائة في ذات الفترة. وفي عام 2020 كان القطاع المصرفي هو الأقل تأثراً من بين كافة القطاعات بجائحة الكورونا، حيث نما بنسبة 3.1 في المائة بالأسعار الثابتة، ونما الاقتصاد بنسبة سالب 1.3 في المائة.

باختصار، فإن طلب تأجيل السداد أمر غير ضارٍ بالبنوك، بل إنه يدر عليها عائدات إضافية. وحسب قواعد المنافسة التي تتطلب يشذ أحد البنوك على الأقل عن القاعدة، ونظراً لوجود الطلب على التأجيل، وعدم وجود مخاطر إضافية على البنوك، وبما أن البنوك لا تعاني من معدلات نمو وأرباح منخفضة، فان المنطق يقول بأنه لا ينبغي ان يكون تأجيل الدفعات أمرًا مثيرًا للجدل.

Sunday, April 16, 2023

On postponing the monthly loan payments- Apr 15, 2023

Consumers and traders are requesting that the banks postpone their monthly loan payments. And the outcry and its justifications, supported by a group of parliamentarians, have been rebutted by many seemingly objective arguments from the Central Bank of Jordan (CBJ), the bankers themselves, and several pundits. However, the debate gained momentum during the Holy Month of Ramadan and the upcoming Eid holiday.

The CBJ raised its main interest rate from 2.5 percent on March 3, 2010, to 7 percent on March 26, 2023. According to the CBJ database, the new rate is the highest it has been since 2017. The 4.5 percent escalation occurred over nine raises during the mentioned period. Conversely, the announced reason(s) for these raises were two: safeguarding the attractiveness of the Jordanian dinar relative to the US dollar and maintaining the dollar-to-dinar peg of 1995; and combating inflation.


Both arguments, however, are subject to debate. There is strong empirical evidence that maintaining the interest rate margin between the JD and the US dollar is not effective in attracting JD deposits versus dollar deposits when the real economic growth rate is low. In other words, the paltry margin between the two currencies is dismal when compared to what would be a catastrophic collapse of a currency, which would be in double digits. On the other hand, the dollar-to-dinar margin is effective in attracting dinar deposits when the economy is doing well. Meaning, when people are optimistic about the economy, rationality leads them to dinar deposits as they pay higher and there is very little risk.

As to combating inflation, and raising the interest rate, the argument used is not accurate. Even though it may shrink the money supply and thus reduce liquidity in the hands of people, in a country like Jordan where imports are almost two-thirds of the GDP, one should discern that two-thirds of the inflation is imported. Consequently, raising the interest rate will raise the cost of production, lower the inflow of investment, reduce demand for large ticket items such as real estate, and thus reduce economic growth while not affecting inflation per se. For example, while the Industrial Production Index rose in March 2023 by 0.9 percent, the Producers Price Index also rose by 3 percent (which, in a productive economy, would be an anomaly), and the Consumer Price Index rose by 3.91 percent.

In the US, banks are not allowed to raise the interest rate on existing loans; in Jordan, they are. Hence, when someone takes a loan at the old rate, they would not be affected by the interest rate increase. Only those wishing to borrow anew will be affected. In Jordan, the interest rate rises for both old and new loans; this is not healthy at all. Why? Let us demonstrate with an actual example. A colleague has taken a 30-year loan of JD37,000 at 5.75 percent two years ago; the interest rate now is 9.45, an increase of 3.7 percent or 65 percent of the original interest. The bank did not increase her monthly payments; it simply increased the repayment period by almost two years. Given that the banks in Jordan also deduct the interest payments first, which is an absurd practice; my colleague, even if she won the lottery and became able to pay the loan early, would have to pay the full amount plus all interest payments. The bank never loses.

Note that the whole risk burden of the loan, which is typically guaranteed by a real estate property that far exceeds the value of the loan, is upon the borrowers and not the banks. Also, the banks do not need to borrow from the CBJ since they have ample dinar and dollar deposits as Jordanians shy away from the stock and real estate markets in favour of bank deposits. The CBJ is not interfering with the banks even though as a regulator its law empowers it to do so.

So, should banks postpone payments this month? It stands to reason that at least one bank or more would do so to compete with others and expand their client base. Should banks move in unison, the move would be considered by some as a signal that some form of tacit collusion exists in the banking sect, which is illegal under the law and harmful to the economy.

Is postponing loan payments with full interest good for the borrowers? Depends. For those that desire to consume now (Ramadan and Eid are occasions for increased spending, followed by a period of temporarily heightened poverty) at all costs, they should have the choice. The banks lose nothing; in fact, they gain. If one is frugal, it is better not to increase borrowing now.

Is it good for the economy that people can postpone payments now to enable them to spend more? Of course yes, A heightened demand leads to a surge in the GDP, even if temporary. All nations spend more during the religious or national holidays, whether it is Eid or Christmas, spending goes up before and during the festive occasion and declines thereafter to pay off the debt that was accumulated.

Is the banking sector hurting and is therefore in need of cash, which justifies its refusal to postpone the payments? Not at all. The banking sector grew at an average rate of 3.5 percent in constant prices over the past four years. In 2021, and 2022, it grew by 4.2 percent and 4.4 percent, respectively while the economy grew by 2.2 percent and 2.5 percent. In the COVID year (2020), the banking sector was the least affected as it grew by 3.1 percent in constant prices and the economy grew by a negative 1.3 percent.

In summary, offering those who request a postponement of payment is costless to banks and even revenue-generating. Competition rules indicate that since there is a demand, and no additional risk, postponing payments should not have been so controversial.


Published in Jordan News:

https://www.jordannews.jo/Section-36/Opinion/On-postponing-the-monthly-loan-payments-28118