Tuesday, September 12, 2023

أسعار البنزين هنا وهناك 12-09-2023

 قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية رفع أسعار البنزين السوبر في الأردن اعتباراً من 1 ايلول 2023، وحتى نهاية الشهر ليبلغ بذلك 1.7 دولارا للتر الواحد، بينما يبلغ متوسط سعر بنزين أوكتان 95 حول العالم 1.35 دولارا للتر الواحد، مما يعني أن السعر في الأردن يفوق المتوسط العالمي بنسبة 26%..

وقد يعتقد البعض أن هذه النسبة هزيلة ولا تستحق التداول فيها. كما أن هذه المقارنة تعنى بالمتوسط، وتخفي الاختلاف الكبير في هذا السعر بين البلدان بسبب الدعم أو الضرائب في كل بلد. وعادة ما تكون أسعار في الدول الغنية أعلى في حين أن الأسعار في الدول الفقيرة والبلدان التي تنتج وتصدر النفط تكون أقل بكثير (الأردن من بين الاستثناءات لهذه القاعدة).

عند تحليل ومقارنة الأسعار، يحتاج المرء إلى النظر ليس إلى الأرقام المطلقة فقط بل وإلى الدخل النسبي في البلد لتتم مقارنة السعر الى الدخل في البلدان المختلفة والوقوف على عبء تسعير المشتق النفطي على المواطن أو السكان، فليس من الحصافة أو حتى العدالة أن نعتقد أن وقع السعر في الأردن على دخل المواطن فيه مثل وقع ذات السعر على دخل المواطن في بريطانيا أو ألمانيا مثلا، لأن دخل المواطن في هذه الدول أعلى منه بكثير من دخل المواطن الأردني.

يبلغ السعر النسبي للتر البنزين أوكتان-95 حوالي 15 بالمئة من الدخل اليومي للشخص في الأردن، مما يضع الأردن في المرتبة الثانية عشرة كأغلى دولة في العالم العربي من حيث سعر بنزين الأوكتان-95 ، أي أن السعر لدينا أعلى من السعر في 11 دولة عربية أخرى.

وبالأرقام المطلقة (أي من حيث سعر البنزين فقط ودون التطرق للدخل)، فإن الأردن يحتل المرتبة الخامسة عشرة بين الدول العربية، أي أنه الأغلى بين الدول العربية التي تتوفر بيانات حول تسعيرتها.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يبلغ الدخل 18.2 ضعف نظيره في الأردن، يُباع بنزين أوكتان 95 بسعر 1.09 دولار أمريكي للتر الواحد، وفي بعض الولايات يصل إلى 0.7 دولار أمريكي للتر الواحد. أي أنه أقل بكثير من السعر لدينا رغم أن دخل المواطن هناك أضعاف أضعاف دخل المواطن الأردني. تخيل ما سينجم من شغب وفوضى في الولايات المتحدة إذا تم رفع سعر اللتر هناك إلى 31 دولارًا وهو ما يعادل السعر لدينا منسوباً إلى الدخل.

وحتى في ألمانيا، حيث يبلغ متوسط دخل المواطن ما يزيد عن 12 ضعف الدخل في الأردن، يبلغ السعر دولارين للتر الواحد. وإذا ما قارنا السعر بالدخل فان السعر لدينا يعادل 20.5 دولاراً للتر الواحد هناك.


أيضاً، يمثل سعر لتر البنزين في ألمانيا 1.6% من متوسط الدخل اليومي هناك بينما يمثل سعر البنزين في الأردن 15 في المائة من متوسط الدخل اليومي، وبعبارة أخرى، فان وطء سعر البنزين على الدخل لدينا أعلى بعشرة أضعاف وطء السعر على الدخل في المانيا.

حسب موازنة 2023 فان الضرائب على أسعار المحروقات ارتفعت من 652 دولار في عام 2015 الى قرابة 1.5 مليار دولار في عام 2019، وحسب بعض المصادر بلغ مجموع الضرائب في 2022 1.7 مليار دولار وذلك لان الحكومة لم تقم برفع الأسعار حينها مما كلفها (حسب التصريحات الرسمية) 774 مليون دولار، لذا، من الممكن ان تبلغ الضرائب والرسوم على المشتقات النفطية حوالي 2.5 مليار دولار أو ما يقارب 1.7 مليار دينار أردني، وهو ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

قد يعتقد البعض أن أسعار البنزين في الأردن تخضع لضرائب باهظة بالأرقام المطلقة وهو اعتقاد صائب حسب رأي الكثيرين، فقطاع الطاقة تعرض للكثير من المحن والتخبط وأحياناً، بعض الغموض والضبابية.

من ناحية أخرى، اذا ما قارنا الضرائب وحجمها في الأردن بتلك في دول أخرى، فان الضرائب على الوقود في الدول المتقدمة تذهب هناك، حسب مبادئ الحوكمة السليمة، لإصلاح الطرق، ومعالجة التحديات البيئية، ودعم التكنولوجيا، والتقليل من استخدام الوقود في المواصلات، وترشيد اسخدام الطاقة، فتوفر الحكومات من خلال هذه الضرائب بدائل تقلل من استخدام السيارات، مثل الأرصفة المناسبة للسير واستخدام الدراجات الهوائية، ومسارات الدراجات المحددة لتحفيز ركوب الدراجات، وتخفيض أسعار السيارات الكهربائية والهجينة من خلال أسعار مدعومة، وإقامة أنظمة النقل العام المناسبة وغيرها من الإجراءات التي تزيد من كفاءة الاستهلاك والإنتاج وتقلل من التلوث.

فكلها محتكرة من قبل الحكومة، وهي لسيت متوفرة كبدائل بشكل ملائم في الاردن.

تحتكر الحكومة حق وضع الضرائب وتسعير سلع أساسية كالمشتقات النفطية، كما أنها تحتكر أيضاً حق تقديم خدمات عامة (ملائمة) نرجو أن تقدمها لكي لا تختل معادلة الحقوق ويضمحل النمو والتنمية.

 

 نشرت في صحيفة عمون الالكترونية

https://www.ammonnews.net/article/795243

Raising gasoline prices and lowering growth – Sep 11,2023

The average price of Octane-95 gasoline around the world is US$1.35 per litre. There is a considerable difference in these prices among countries. Usually, richer countries have higher prices while poorer countries and the countries that produce and export oil have much lower prices (Jordan is among the exceptions to this rule). The differences in retail prices across countries are caused by taxes and subsidies, which vary from one country to another.

The government in Jordan opted to raise the gasoline and diesel prices as of September 1, 2023. It is important from an economic perspective to figure out the standing of Jordan relative to other countries and determine whether such an action places the economy in a depressed state or not. To keep this article short, the focus is on Octane-95 gasoline.


Relative income and pricing
When analyzing and comparing prices, beyond the absolute values of gasoline prices, one needs to look at the relative income in the country and compare the price relative to income among the comparators. The relative price of Octane-95 gasoline in Jordan is 15% of the daily income per person, which ranks Jordan as the 12th most expensive country for gasoline in the Arab world.

In absolute numbers (i.e., in terms of the price of gasoline), Jordan is the 15th highest Arab country.  In the USA, where income is 18.2 times that of Jordan, Octane-95 gasoline is sold at US$1.09 per litre, and in some states it is as low as US$0.7 per litre. Imagine the riots and chaos in the US if the price of a litre went to US$18. Even in Germany, where the average income is almost 12 times that of Jordan, the price is US$2 per litre, which is 1.6% of the average daily income there; in Jordan, it is 15% of the average daily income, in other words, it is 10 times as high in Jordan.

Taxation and growth
Gasoline in Jordan is heavily taxed; some say by 75% (but the formula is nobody’s business, it seems). On the other hand, principles of proper governance dictate that governments use taxes on fuel to fix roads, address environmental issues, and subsidize technologies. Otherwise, the taxes become a tool for additional taxation to generate more income for the government.

Furthermore, the government is supposed to provide alternatives that minimize the use of cars, such as proper pavements and marked bike routes to enable bike riding, electric and hybrid cars at subsidized rates, and proper public transport systems. All of which are monopolized in terms of provision by the government.

Although the discussion above does not address the recent rise in diesel prices, which is used in freight and production in addition to heating, it is vital to point out that raising the price of diesel will adversely affect economic growth in the country and thus possibly derail the achievement of some of the main goals of the Economic Modernization Vision. Why? There are three main categories of inputs that are used in production: capital which is machinery and manmade inputs, labour, and land, which is energy, fuel, water, and minerals. Raising the prices of all three (interest, wages, and energy prices) will not lead to encouraging investment and growth. 

To grow the economy the government must utilize economic (not accounting) principles, work with a long-term perspective, and repeal some of the hurdles already in place. Because countries are not run as companies, there should be no time to waste.


Published on Jordan News:

https://www.jordannews.jo/Section-36/Opinion/Raising-gasoline-prices-and-lowering-growth-30816


Thursday, September 7, 2023

لا ابتكار ولا إنتاجية وديون متزايدة 05 ايلول 2023

أعتذر مقدمًا عن استخدام كلمة "أنا" في هذا المقال؛ فقد ناديت منذ عقود بأن الحكومة يجب أن تركز على الابتكار وتستثمر فيه، دون أن تجد الدعوات والمبررات آذاناً صاغية رغم أن الوصفة بسيطة: الاستثمار في الإبتكار يؤدي إلى زيادة إنتاجية الموارد كالعمالة ورأس المال والريادية، ومع ارتفاع الإنتاجية يزداد دخل الجميع، بما في ذلك الدولة. واليوم، وفي محاولة أخرى لتوجيه الأنظار الى هذه الوصفة السهلة (الممتنعة على الحكومات كما يبدو)، أشرح مرة ثانية أهمية وضرورة الابتكار.


لنبدأ بمثال رقمي بسيط: تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حالياً حوالي 115% (أي تبلغ قيمته 39.4 مليار دينار ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي 34.3 مليار دينار وهو دخل الأردن في عام واحد)، تتراوح نسبة الفائدة على الدين العام بين 2% و 7.5%، حسب منشورات وزارة المالية، ولإجراء عملية حسابية بسيطة، دعونا نفترض أن سعر الفائدة الذي تلتزم الحكومة بدفعه هو 4%، وهي فائدة أقل بقليل من متوسط الفائدتين.

والآن لنحسب مقدار الفائدة التي يتعين على الحكومة دفعها في نهاية العام كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فهي لن تكون 4% لأن الدين تجاوز الناتج المحلي الإجمالي. الفائدة الواجب دفعها هي 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي حاصل ضرب 4% في 115% (لأن الفائدة على كامل مبلغ الدين وليس على الناتج المحلي الإجمالي). وبالتالي، يتعين على الحكومة توفير 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي (أو 1.576 مليار دينار) لسداد فوائد الدين.

ولكن ما هو دخل الحكومة من الاقتصاد المحلي؟ يبلغ دخل الحكومة حوالي 29% (10 مليار دينار أردني) من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن مقابل كل دينار ينفق في الاقتصاد المحلي تحصل الحكومة على ضرائب ورسوم قدرها 29 قرشاً، وعلى هذا فإذا نما الاقتصاد بنسبة 6%، فإن الدخل الحكومي سوف يتنامى بنسبة 30% من هذا النمو، وهو ما يعادل 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة لا تقترب بأي حال من نسبة 4.6% من الناتج اللازمة لدفع الفائدة، وبالنتيجة لابد أن ينمو الاقتصاد بنسبة 15% حتى تتمكن الحكومة من دفع الفائدة البالغة 4.6% على ديونها القائمة، وهو أمر غير مرجّح بل مستحيل في ظل السياسات الاقتصادية القائمة وأسلوب العمل الحالي، بما أن الأردن لن يحقق معدل نمو بنسبة 15% هذا العام، فإن أفضل ما يمكنه فعله هو الاقتراض مجددا لسداد الفائدة على الدين.

وبعبارة أخرى، ستحصل الحكومة على المزيد من الديون (هذه المرة من صندوق النقد الدولي، وبالتالي سيدخل الاقتصاد برنامج "إصلاح" جديد) لتسوية بعض فوائد الديون القديمة، لماذا؟ لأن الحكومة لن تتمكن من تحقيق معدلات النمو المرجوة للوفاء بالتزامات الديون القائمة.

ونسأل مرة أخرى: لماذا؟ لأن الأموال المقترضة تذهب لدفع الرواتب ومعاشات التقاعد وخدمة الديون، لاحظ أن بعض الأموال التي تنفق على سداد الدين العام ستتسرب الى خارج الاقتصاد المحلي مما يعني أن الاقتصاد لن يستفيد منها بشيء بل سيتقلص بقيمة ما يخرج منها.

أيضا، بما أن باقي الأموال المستدانة تذهب لدفع الرواتب ومعاشات التقاعد، فإن الاقتصاد سيستمر بالنمو الاستهلاكي البطيء بينما يعاني الاقتصاد الحقيقي (الصناعة) من هجرة العقول، ارتفاع أسعار الطاقة، شح الدعم، غلاء نظام النقل، وتدني التعقيد والمحتوى العلمي في المنتجات بسبب تدني البحوث والدراسات التي تقود الى الابتكار وتجعل المنتج أعلى قيمة وتنافسية.

لا بد أن يذهب جزء من القروض لرفع مستوى الإنتاج في الأردن والانفاق على الإبداع وتشجيع البحث والتطوير لكي ينمو دخل الجميع وتتراجع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي. بمجرد أن يرتفع دخل المواطن العادي، سيزداد أيضاً دخل الحكومة من الإيرادات المحلية، وهو ما من شأنه أن يمكّن الحكومة من تسوية الديون، ويرفع من وتيرة اعتماد الأردن على الذات. هذه هي الصيغة التي يجب على صناع القرار فهمها تماما والعمل بها، وإلا فإن الحكومات المتعاقبة ستستمر بالتذرع بالأحداث الإقليمية والعالمية لتفنيد معدلات النمو الهزيلة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني منذ 2010.

لم تخرج السياسة الحالية عن النموذج المعتاد (اقترض لتنفق على الرواتب والتقاعد وخدمة الدين) مما يذكر بـمقولة "إن من الجنون أن يفعل المرء ذات الشيء مرارًا وتكرارًا ويتوقع نتائج مختلفة.

نشرت في موقع عمون 

https://www.ammonnews.net/article/793021

Tuesday, September 5, 2023

Innovation, productivity, and mounting debt - 05 September 2023

Why I call for investment in innovation, as explained by simple economics

Apologies in advance for using the word “I” in this article; however, I have been preaching for years now that the government should focus on and invest in innovation for decades now, and all calls and justifications seem to fall on deaf ears. The formula is simple: innovation leads to increased productivity, which increases everyone's income, including the state. Today, in yet another attempt, the argument for why innovation is so necessary is explained with a simple numerical example.

 

The ratio of debt to GDP is currently around 115 percent or a debt of JD39.4 billion to a GDP of JD34.3 billion. The interest rate on the debt is between 7.5 percent and 2 percent, according to the Ministry of Finance publications. To make a back-of-the-envelope calculation, let’s assume, for simplicity, that the interest rate the government is committed to paying is 4 percent.  Note that this is slightly less than the average of the two rates of interest.

Now let’s turn to the amount of interest the government has to pay at the end of the year as a percentage of the GDP. Note that this will not be 4 percent because the debt has exceeded the GDP. The arithmetic is straightforward. The interest to be paid is 4.6 percent of the GDP, which is the product of multiplying the 4 percent by the 115 percent (since the interest is on total debt and not the GDP). Hence, the government has to come up with 4.6 percent of the GDP (or JD1.576 billion) to pay the interest on the debt.

But what is the income of the government from the domestic economy? It is around JD10 billion (numbers are rounded), which is 29 percent of the GDP.  That is, for every Jordanian Dinar spent in the domestic economy, the government receives in taxes and fees 29 piasters. So, if the economy grows by 6 percent, the government income will grow by 30 percent of that, which is 1.8 percent of the GDP, which is nowhere close to the 4.6 percent needed to pay the interest. Indeed, the economy has to grow by 15 percent for the government to pay the 4.6 percent interest, which is not bound to happen under the current modus operandus.

Since Jordan is not looking at a 15 percent growth rate this year, the best it can do is to borrow to offset the interest on the debt. In other words, the government takes more debt (this time from the IMF, hence the new “reform” programme) to settle an old debt. Why? Because it has not been able to achieve the desired growth rates to enable it to meet existing debt obligations. Again, why? Because the borrowed funds go to pay salaries, pensions, and debt. Note that some of the debt repayment is leaked outside the economy.

Instead, had borrowing been focused on innovation and the encouragement of R&D, it would have motivated higher productivity, which means income growth. Once the average citizen’s income rises, so would the income (domestic revenues) of the government, which would enable it to settle the debt. This is the formula that all have to understand and work with. Otherwise, every cabinet of ministers will use regional and global happenings as an excuse for the dismal growth rates that the Jordanian economy suffers from.

The current policy has not departed from the usual paradigm; it is a business-as-usual mindset that continues to do the same and achieves the same unacceptable results. Why repeat failed policies? Isn’t this reminiscent of, “The definition of insanity is doing the same thing over and over again and expecting different results?”

 

Published in Jordan News:

https://www.jordannews.jo/Section-36/Opinion/Innovation-productivity-and-mounting-debt-30709