Thursday, December 5, 2019

الحد الأدنى للاجور في الأردن


الحد الأدنى للاجور في الأردن
د. يوسف منصور
5 12 2019

هنالك توجهات من قبل وزارة العمل لرفع الحد الأدنى للأجور، وقبل أن أناقش هذه التوجهات دعونا نستعرض بعض قرارات لجنة تحديد الحد الأدنى للأجور في هذا المجال، حيث بدأ الاردن بوضع حد أدنى للاجور في العام 1999، وكان 80 دينار، تلاه تعديل في 2001 بارتفاع بسيط ليصل الى 85 دينار، ثم في 2003 ليرتفع الى 95 دينار، وتم رفعه في 2004 الى 110 دينار، وفي 2005 الى 150 دينار، وفي 2006 الى 190 دينار، وكان آخر تعديل في 2007 الى 220 دينار، وهو الحد الأدنى الحالي.

الملاحظ أن قرارات الرفع الاولى والثانية صاحبهما ارتفاع في معدلات البطالة من 13.7% في عام 2000 الى 15.3% في عام 2002، وقد لا يكون رفع الحد الأدنى متسبب في البطالة، حيث كانت معدلات النمو منخفضة. ويلاحظ أيضا، أن قرارات الرفع المتتالية للحد الأدنى لم تؤدي الى بطالة في السنوات 2004-2007، بل انها انخفضت الى 13.1%، وذلك لارتفاع ارقام النمو الحقيقي والتي صاحبها معدلات غلاء كبيرة نتيجة تدفق الاموال من الخارج وزيادة الانفاق الحكومي، وارتفاع معدلات الربحية في القطاع الخاص وتوسع النشاط الاقتصادي مما زاد من فرص العمل والتشغيل.

وبناء على تجربة الأردن الحديثة نسبيا (للعلم: بدأت تشريعات الحد الادنى للاجور عالميا في بريطانيا من قبل الملك جيمس الأول في 1604، وكان أول تشريع في العصر الحديث في نيوزيلندا في العام 1894، تلاها تشريعات في أوستراليا في عام 1896 والمملكة المتحدة في عام 1909، لتتواجد تشريعات تتعلق بالحد الأدنى للأجور في أكثر من 90 في المائة من دول العالم.)  ومن خلال مطالعة أولية لأرقام البطالة وقرارات الحد الأدنى للأجور، يصعب الجزم بأن رفع الحد الأدنى للاجور سيؤدي دائما الى المزيد من البطالة أو تخفيضها. ولكن نستطيع أن نجزم أن غالبية قرارات رفع الحد الأدنى للأجور أتت في السنوات الذهبية ذات الدخل والنمو المرتفعين، فكان أثرها (إن صحت مقولة البعض بأنها ترفع من البطالة) غير ملموسة، بل تلاشت مع توسع الأعمال.

وعلى الرغم من أن قوانين الحد الأدنى للأجور سارية في العديد من الدول، إلا أن هناك اختلافات في الرأي حول منافع ومضار الحد الأدنى للأجور، حيث يؤكد مناصرو تشريع الحد الأدنى للأجور بأنه يحسن من مستوى معيشة العمال ويقلل الفقر واللامساواة ويعزز من معنويات العمالة، يندد في المقابل معارضو الحد الأدنى للأجور بأنه يزيد الفقر والبطالة لبعض العمال ذوي الأجور المنخفضة والفئات المستضعفة  كالنساء، والشباب والاقليات، لأنهم لن يتمكنوا من العثور على عمل وسيتم دفعهم إلى صفوف العاطلين عن العمل.  وينقسم الاقتصاديون مناصفة حول أثر الحد الأدنى للأجور فالنصف يعتقد بأنه سيؤدي الى بطالة وخاصة بين المستضعفين وقليلي المهارة، والنصف الآخر لا يعتقد بذلك، وهنالك الكثير من البحوث في هذا المجال في دول العالم المختلفة، ودراسات تختلف نتائجها حسب الجهة أو الفكر الداعم لها وطريقة القياس، وشمولية البحوث لعوامل أخرى.

بناء على ما سبق، ولأن الحكومة تواجه تحد الخروج من كساد اقتصاد طويل وعميق بدأ في عام 2010، ويواجه القطاع الخاص بالنتيجة انكماش طويل الأمد في الطلب نتيجة التحوط من قبل المستهلك وارتفاع الضرائب والرسوم مما خفض من دخله المتاح (بعد الضرائب والرسوم)، وتراجع العرض مع تدني معدلات الاستثمار الخارجي والداخلي، وارتفاع الكلف التشغيلية بسبب رفع كلفة الطاقة الأمر الذي أدى الى مزيد من البطالة بشكل عام (19.1%) حسب آخر تقدير رسمي، وضعف ذلك للشباب والنساء، فإن من المنطق أن تقوم الحكومة بدراسة أي رفع للحد الأدنى للأجور بشكل علمي وموضوعي وأيضا من حيث التوقيت والآثار التوزيعية والمستدامة على كلف القطاع الخاص التشغيلية وتوظيف ومنافع العمالة.

أيضا، هنالك خيارات وأدوات عديدة تستخدمها الدول لتحقيق رفاه العمالة بالإضافة للحد الأدنى للأجور أو كبديل له، كالتدريب بهدف التشغيل، ودعم التوظيف، وتخفيض الضرائب على ذوي الدخل المتدني، ورفع وتيرة الدعم للمستضعفين، وتحفيز العمل النقابي ليطالب العمال ذاتهم ومن خلال نقاباتهم برفع الأجور كل حسب قطاعه وظروفه.

No comments:

Post a Comment