على عكس المزاج المتشائم الطاغي لدى الكثير حاليا، تظهر
البيانات الأخيرة أن هنالك بوادر انتعاش اقتصادي في الأردن هذا العام. الإنتعاش، وحتى
إن كان بطيئًا، فهو انتعاش وليس تراجع أو تباطؤ في النشاط الاقتصادي، ويمكن أن
يكون مدعاة للتفاؤل الحذر بدلا من المشاعر السلبية الموجودة حاليا. كما أن بعض من التفاؤل مهم جدا لرفع وتيرة
نمو الاقتصاد، وهو ما تؤكده أدبيات الاقتصاد عالميا.
من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة
2.4 في المائة بالقيمة الحقيقية في عام 2022، وهو تحسن طفيف عن مستوى النمو في عام
2021. وعلى صعيد السياسة المالية والدين العام ارتفعت الإيرادات الضريبية في أول
شهرين من عام 2022 بمقدار 54.8 مليون دينار لتصل إلى 970.2 مليون دينار، وانخفض دين
الحكومة بمقدار 244 مليون دينار عن مستواه في عام 2021. ويمكن توقع انخفاض نسبة
الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر هذا العام مما سيحرر الميزانية لتوسيع
الإنفاق الرأسمالي ورفع وتيرة الاستثمار العام في البنية التحتية والتعليم والصحة
في البلاد.
كما نمت التحويلات من الأردنيين العاملين في دول
مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1 في المائة، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بشكل
أكبر مع استمرار المكاسب لدى اقتصادات دول الخليج بسبب ارتفاع أسعار النفط حيث من
المتوقع أن تنمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 6.4 في المائة هذه السنة، وسيظهر التأثير بلا شك
في الأردن على شكل مساعدات وتحويلات من هذه الدول.
بشكل عام، تظهر الأرقام تحسنًا على جميع مستويات
الاقتصاد ، وهو ما يدعو ، كما ذكرت سابقًا، إلى التفاؤل. ومن
المتوقع ايضا أن يصل معدل التضخم إلى حوالي 2.8٪ هذا العام، وهو أقل بكثير مما كان
عليه الحال في معظم أنحاء العالم. وقد يكون أثر الحرب الروسية الأوكرانية على
الأردن أخف وطأ مما كان ممكنا ما فيما يتعلق بتكلفة القمح والطاقة، فقد اشترت
الحكومة ما يعادل إمدادات القمح لمدة 13 شهرًا على الأسعار السابقة، وتم شراء
النفط من خلال عقود طويلة الأجل من شأنها حماية الاقتصاد من مزيد من الارتفاعات في
الأسعار حال حدوثها.
وبالنسبة للاحتياطيات الأجنبية فهي في أعلى
مستوياتها على الإطلاق حيث يبلغ المستوى الحالي للاحتياطيات حوالي 18 مليار دولار،
مما سيغطي 9.5 شهرًا من الواردات. وهذا يعني أنه في الحالة غير المعقولة التي لا
يتلقى فيها الأردن أي عملة أجنبية من الصادرات أو السياحة أو المساعدات أو التحويلات
المالية من المغتربين، وهو أمر مستحيل طبعا، فإن البنك المركزي الأردني لديه
احتياطيات كافية لتغطية 9.5 أشهر من الواردات. مما يعني أيضا أن لدى الأردن
احتياطات من العملات الأجنبية قد تفوق ما تحتاج اليه لسنتين من الواردات. لاحظ أن
المستوى المقترح عالميا من قبل صندوق النقد الدولي لاحتياطيات العملات الأجنبية لا
يتعدى شهرين من الواردات، مما يعني أن سعر صرف الدينار في منعة من أي تقلبات
ويتمتع باستمرارية وديمومة على المدى المتوسط والطويل.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت السياحة بنسبة 253٪ في
الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما ارتفعت
معدلات الاستثمار في الربع الأول من عام 2022 بنسبة 107 في المائة مقارنة بالفترة
نفسها من العام الماضي، كما ازداد الاستثمار الأجنبي المباشر بأكثر من سبعة أضعاف معدله
العام الماضي.
بشكل عام ، تظهر الأرقام تحسنًا على جميع مستويات
الاقتصاد، وهو ما يدعو، كما ذكرنا سابقًا، إلى التفاؤل. آمل أن يترجم هذا التفاؤل الى
معدلات نمو اقتصادي وانتعاش أكبر وأسرع.
No comments:
Post a Comment