Monday, June 21, 2021

لكي تستعيد الحكومة الثقة 20 6 2021

 


تتزايد وتيرة انعدام الثقة العامة بالحكومة في الأردن منذ عدة سنوات. هنالك سببان رئيسان لعدم الثقة هذه: أولهما أن السياسات التي شرعت بها الحكومات لم تتمكن من أن تحسن رفاه المواطنين، والثاني هو غياب المتابعة والتقييم لتنفيذ المبادرات الطموحة من قبل الحكومات المتتالية. ويؤدي انعدام الثقة بالحكومة إلى تلكؤ في صياغة وتنفيذ السياسات المناسبة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية لأن انتشار عدم الثقة يخلق جواً من السلبية وعدم اليقين مما لا يساعد على جلب الانتعاش الاقتصادي المطلوب. باختصار، هناك حاجة ملحة لإعادة الثقة في الحكومة.

لم تساعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذها القطاع العام في إخماد انعدام الثقة المنتشر على نطاق واسع في الأردن. بل على العكس من ذلك، فقد أثارت بعض هذه الإجراءات العديد من الاحتجاجات داخليًا مما أدى إلى تعديلات وتغييرات حكومية متتابعة، ورسخ الشعور بالظلم والتظلم من عدم وجود إصلاحات على الرغم من العديد من برامج وخطط الإصلاح على الورق، وترددت الحكومات وتراجعت ودخلت أحياناً في شلل دائم بالنسبة للإصلاح (ولا أقصد هنا الإصلاح كما يراه صندوق النقد الدولي). علاوة على ذلك، فإن انعدام الثقة تُرجم إلى تراجع ترتيب الأردن في المؤشرات الهامة، حيث تراجع موقع الأردن في المؤشر العالمي حول الفساد لمنظمة الشفافية الدولية من 45 في عام 2015 إلى 60 في عام 2020، وتم تخفيض ترتيب الأردن من "حر جزئيًا" إلى "غير حر" في مؤشر بيت الحرية في عام 2021.

لم تؤدي ردود فعل الحكومة وأوامر الدفاع وإجراءاتها بالنسبة لفيروس الكورونا المستجد إلى تحسين الأمور أيضًا. أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب عمليات الإغلاق الصارمة وحظر التجول والافتقار الواضح لنموذج شامل وعدم الاستعداد للتعامل مع الآثار الصحية والاقتصادية لـ COVID-19 خلال عام 2020 وحتى عام 2021 إلى تكثيف المطالبات بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وهي مطالبات مشروعة كما تظهر البيانات الاقتصادية، فقد تقلص حجم الاقتصاد بنسبة 1.6٪ في عام 2020، وارتفعت البطالة إلى 24.7٪ في الربع الرابع من عام 2020 (واحد من كل شابين عاطل عن العمل؛ والأسوأ من ذلك، أن 75٪ من حاملي الشهادات عاطلون عن العمل)، وارتفع دين الحكومة المركزية من 97.4% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى 111% في عام 2020 - لاحظ أن قطاع الكهرباء تسبب ب 20٪ من الدين العام، وهو قطاع تخلت فيه السياسات الحكومية من أي محتوى اقتصادي. علاوة على ذلك، جاء هذا التدهور الاقتصادي على خلفية ركود استمر عقدًا من الزمان حيث انخفض الدخل الحقيقي للفرد الأردني بينما كانت البطالة في ارتفاع مطرد، وبينما يتطلع العالم إلى نمو بنسبة 5 في المائة وأكثر، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 1.4 في المائة، وهو بالكاد دليل على الانتعاش، خاصة وأن السنة المرجعية (2020) كانت سنة انكماش اقتصادي حاد. بالإضافة إلى ذلك، وحيث أن متوسط ​​معدل النمو السكاني كان 2.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، فإن الزيادة في النمو الاقتصادي بنسبة 1.4 في المائة تعني أن الدخل الحقيقي للفرد سينخفض ​​بنسبة 1.1 في المائة وهو ليس انتعاشا بأي معيار.

هنالك حاجة الآن إلى مجموعة من السياسات سريعة التأثير (المالية والنقدية) التي تعود بالفائدة على القطاع الخاص وتُنشّطه. وينبغي أن تكون هذه السياسات مدفوعة بإحساس هائل بأنها مُلحّة، لا سيما فيما يتعلق بالنمو والتوظيف؛ لماذا؟ لأنه لا يجوز التخطيط هنا وكأننا في سنة عادية؛ فلقد مر الاقتصاد بعام مؤلم تكشّف فيه عن العديد من الأمراض ومواضع الضعف، وتضاءلت كل من الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة وغير المباشرة إلى حد كبير. كما بدى واضحا للعيان ظاهرة إغلاق المؤسسات خاصة تلك العاملة في قطاعات التشييد والسياحة والضيافة والنقل؛ وكان الضرر جسيما لدى فئة الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وهي تساهم بنسبة 52 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي.

يجب أن تكون هناك مجموعة من الجهود جيدة التصميم وموجهة نحو النمو تتم صياغتها بشفافية ومن خلال حوار واسع النطاق مع أصحاب العلاقة. كذلك، يجب مراقبة الاستراتيجيات وخطط العمل والنتائج بشكل صحيح لأن وضع السياسات دون آليات المتابعة والرصد والتقييم المناسبة لن يؤدي إلا إلى مزيد من عدم الثقة، فلقد أصبح الأردن مشهورا بإطلاق مبادرات تتلاشى في غضون أيام أو أسابيع مما أدى لفقدان المواطنين الاهتمام بأي تصريحات أو مبادرات جديدة. يجب أن يُكافأ الفاعلون والمنجزون وأن يعاقب المماطلون وغير المنتجون. كما يجب تطبيق القانون وقواعده على الجميع وكذلك المكافآت والعقوبات، والتعامل بصرامة مع الجرائم، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وإلا سيعتقد مرتكبو الجرائم الصغيرة الذين لم يطالهم القانون بأنهم فوقه ومنزهين من العقاب كما شاهدنا ونشاهد، فيتطاولوا على الجميع بجرائم أكبر. يجب تطبيق المكافأة والعقاب بشكل ديمقراطي وعلى قدم المساواة للجميع. دعونا لا ننتظر طويلا.

No comments:

Post a Comment