Thursday, May 20, 2021

من هو الليبرالي؟ 20 5 2021

 

من المثير للاهتمام كيف يتم طرح كلمة "ليبرالي" على أنها إهانة أو تهمة في الحوار السياسي الأردني. فأن تكون ليبراليًا في الأردن أصبح معناه أنك ثري وغير مهتم أو مبال باحتياجات الفقراء وتحقيق رفاه الأردنيين  او أنك فاسد أو قابل للفساد. أعتقد أن قلة ممن يرشقون الغير بهذا المصطلح يعلمون حقًا معنى الليبرالية وأصلها.

الليبرالية مشتقة من الكلمة اللاتينية "Liberis" ، والتي تعني الحرية. وكان جون لوك، الفيلسوف الأهم في القرن السابع عشر من أوائل المدافعين عن الليبرالية حين دافع عن سيادة القانون وأن الحكام يجب ألا يحكموا إلا بموافقة من يحكمونهم وأن الأفراد لديهم حق أساسي في الحياة والحرية وحيازة الممتلكات. ومن المفهوم أن آدم سميث، أبو الرأسمالية ومنظّرها الأول حسب ما يعتقد الكثيرون، كان في القرن الثامن عشر من أوائل الاقتصاديين الليبراليين حين ربط بين نظام السوق الحر ووجوب توفير الدولة للسلع والخدمات العامة كالشوارع والمدارس والجسور.

رفض الليبراليون الملكية المطلقة والحق الإلهي للملوك في أوائل القرن الثامن عشر. ووضعت الأحزاب الليبرالية في مطلع القرن العشرين (مثل الحزب الليبرالي في بريطانيا) الأساس لدولة الرفاه البريطانية (الرفاه الاجتماعي) وأنشأت أنواع من التأمين الصحي والتأمين ضد البطالة. ولعبت الأيديولوجيات الليبرالية دورًا رئيسيًا في ظهور جمهوريات العصر الحديث، ودولة الرفاهية الحديثة، وانتشار الحقوق المدنية، والحريات المدنية، والتسامح الديني، والحرية. كما اشتهرت الليبرالية في القرن العشرين باسم الليبرالية الاشتراكية عندما انتصرت الديمقراطيات الليبرالية (الولايات المتحدة وأوروبا الغربية) على الفاشية والنازية والشيوعية. وأكد جون راولز (الفيلسوف الأمريكي وأحد المفكرين الليبراليين الهامين) في القرن العشرين في كتابه الرائع "نظرية العدالة"، على ان الحاجة إلى ضمان ليس فقط المساواة أمام القانون ولكن أيضًا التوزيع العادل للموارد المادية المطلوبة للأفراد لتنمية تطلعاتهم وطموحاتهم. وأذكر انني حين كنت طالب دراسات عليا في الاقتصاد، كان أساتذتي حين يعلمونا نظرية العدالة (وكان غالبيتهم من المحافظين والمحافظين الجدد) يبذلون قصارى جهودهم لإثبات خطئه ويجادلون ضد ما جاء به.

يؤمن الليبراليون عادةً بالديمقراطية، والمساواة في الحقوق، والدستورية، وحقوق الإنسان، والرأسمالية، والتجارة الحرة، والانتخابات الحرة والنزيهة، وحرية العبادة، ويؤمنون بواجب الحكومة العمل على تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة للجميع، ويؤكدون أن عليها تخفيف الآفات الاجتماعية وحماية الحريات المدنية وحقوق الفرد وحقوق الإنسان، ويؤمنون بدور الحكومة في توفير شبكات الحماية الاجتماعية وأن عليها تحمل مسؤولية حل المشكلات الاجتماعية.

ومن الغريب أن رئيس مجلس وزراء سابق في الاردن استعمل مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي كهدف ونهج لحكومته، ولم ينعته أحد بأنه ليبرالي رغم أن اقتصاد السوق الاجتماعي هو أحد أطياف الليبرالية ويعني اتباع اقتصاد السوق الحر القائم على نظام تحرير الأسعار والملكية الخاصة والتنظيم الحكومي لتعزيز منافسة وتنافسية الأسواق وتوفير برامج الرعاية الاجتماعية لمعالجة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تنجم عن تطبيق مبدأ السوق الحر.

ومن ثم، فإن مجلس الوزراء الحالي، ونظرًا لكونه مدافعًا قويًا عن المبادئ الليبرالية هو مجلس ليبرالي من الناحية الاقتصادية، وأن يوصف بأنه "ليبرالي" ليس بالأمر السيئ.

No comments:

Post a Comment