Monday, March 8, 2021

مهما كلف الأمر! 8 آذار 2021

 


يستدعي تفشي COVID-19 في الأردن اتخاذ إجراءات واسعة النطاق ومتسقة من قبل الحكومة، بكافة أجهزتها وأدواتها، ويجب أن يتم ذلك بسرعة. فلا يمكن معالجة تفشي المرض من خلال العمليات والإجراءات التقليدية المعتادة أو بالتباطؤ المعهود ومن خلال عمل كل وزارة على حدة. لا أحاول أن أصف في هذا المقال ما قامت به مختلف الهيئات الحكومية، لكن ما الذي يجب فعله باختصار، أما التفاصيل فيجب أن تكون من خلال عمل استراتيجي لكافة أجهزة الدولة.

تدهور وضع الاقتصاد الكلي سريعًا في عام 2020 (الذي كان في حالة ركود مطول خلال الفترة 2010-2019) عند بداية تفشي فيروس كورونا المستجد COVID-19 وتفشي المرض. في الربع الأول من عام 2020، كان معدل النمو الحقيقي لا يزال إيجابيًا عند 1.3٪. بلغ معدل الانخفاض -2.2٪ خلال الربع الثالث من عام 2020 مقارنة بمعدل نمو بلغ 1.9٪ في نفس الربع من عام 2019. وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية، أظهرت التقديرات الأولية لمعظم القطاعات تراجعا خلال الربع الثالث في عام 2020 مقارنة بالربع الثالث من عام 2019. وتلقت قطاعات الضيافة والسياحة والبناء والنقل والتعليم ضربات كبيرة تراوحت بين 40 إلى 50٪ من حيث الإيرادات وفقًا لبعض التقديرات. وفي الواقع، من المتوقع أن يكون معدل النمو في عام 2020 سالبًا وسيظهر أنه انخفض بأكثر من 5٪.

كما انخفض مع الركود معدل التضخم إلى 0.43٪ في الأشهر العشرة الأولى من عام 2020. واستمر معدل البطالة في الأردن في الارتفاع ليصل إلى 23.9٪ في الربع الثالث من عام 2020 مقابل 19.1٪ في الربع الثالث من عام 2019. وهو أعلى معدل بطالة في الأردن في الخمسة عشر سنة الماضية. والفقر آخذ في الازدياد (لا توجد أرقام رسمية بذلك ولكن حسب دراسة دولية ازداد بنسبة 38%)، خاصة بين الفئات المهمشة.

ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات من 2363 مليون دينار إلى 2080 مليون دينار في عام 2020. وقد أثر انخفاض أسعار النفط إيجابياً على الميزان التجاري (الصادرات ناقص الواردات) وسلباً على الميزانية حيث انخفضت الإيرادات من الضرائب على النفط، وخلال الأحد عشر شهراً الأولى من عام 2020 بلغت الإيرادات المحلية 5.64 مليار دينار مقابل 6.36 مليار دينار لنفس الفترة من عام 2019. وبلغت المنح الخارجية خلال الأحد عشر شهراً الأولى من عام 2020 ما قيمته 712 مليون دينار مقابل 213 مليون دينار لنفس الفترة. بلغ إجمالي الإيرادات العامة خلال الأحد عشر شهرًا الأولى من عام 2020 ما مقداره 6.35 مليار دينار مقابل 6.57 مليار دينار خلال نفس الفترة من عام 2019. وزاد الدين العام إلى أكثر من 107٪ للوفاء بالتزامات الحكومة الجارية الحالية (رواتب ومعاشات تقاعدية، وخدمة الديون).

بدأ مستوى الاحتياطيات في البنك المركزي الأردني في الانخفاض لأول مرة خلال فترة الإغلاق بين مارس ومايو من عام 2020، لكنه ارتفع بعد ذلك في يوليو بعد إصدارين ناجحين لسندات دولية بقيمة إجمالية قدرها 1.75 مليار دولار أمريكي، وانخفضت الاحتياطات في وقت لاحق في أكتوبر مع سداد 1.25 مليار دولار من سندات اليوروبوند التي استحقت آنذاك. ومع ذلك، أكدت مراجعة صندوق النقد الدولي لشهر أكتوبر 2020 أن مستوى الاحتياطيات الدولية سيظل مناسبًا خلال عام 2021 وينبغي أن يوفر دعمًا مستمرًا لربط الدينار بالدولار الأمريكي.

من الواضح أن الانسان العقلاني يدرك أنه لن تنجو جميع الشركات من الأزمة، وأن المؤسسات لن تظل قادرة على الوفاء بالتزاماتها، لأنها لا تعمل في دورة اقتصادية اعتيادية، كما سينجم عن مطالعة بسيطة للارقام والمشاهدات بأن هناك الكثير الذي يتعين على البلد القيام به، تماما كما تقوم به الكثير من دول العالم.

يمكن ببساطة أن نتعلم كيفية التعامل مع الجائحة في الأردن من خلال منهجية تعامل الدول المتقدمة مع الأزمات الاقتصادية العالمية. فعندما كان رد فعل العالم بطيئًا على الكساد العظيم عام 1929، استغرق تعافي اقتصادات العالم 15 عامًا وأكثر. ولكن في المقابل، تمت معالجة أزمة الائتمان العالمية لعام 2008، رغم أنها كانت أضخم حجمًا من الكساد الكبير، بسرعة وتم تخفيف معظم وربما كافة تداعياتها في غضون أربعة أعوام.

النهج ذاته ينطبق على التعامل مع الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء وعواقبه. ستشهد اقتصادات البلدان التي استجابت بسرعة لدرء أثر الوباء واضراره الاقتصادية المحتملة معدلات نمو أسرع من تلك في الدول التي تعاملت بخمول وجزئية وتفاعل لاحق غير استباقي مع التشوهات الاقتصادية التي قد تنتج عن انتشار الوباء. إن التفاعل البسيط المتجزء وباستحياء وبطء، دون إيلاء الأهمية للآثار الدائمة والعميقة، ولا سيما على عدد كبير من القطاعات الاقتصادية الهامة سوف يثمر معدلات نمو اقتصادي بطيء قد يستغرق سنوات طوال للعودة الى وضع ما قبل الجائحة والذي كان سيئا في كافة الأحوال وحسب كافة المقاييس.

بدلا من الاستجابة بشكل تفاعلي مع المستجدات يجب أن نستخدم توجه استراتيجي استباقي مبني على التنسيق بين كافة أجهزة وأدوات الدولة من سياسات مالية ونقدية ومؤسساتها وليس كما هو الآن. وسيتطلب حرصنا على المستقبل الاقتصادي الأردني لما بعد الكورونا أن تقوم الحكومة بكل ما تستطيع وأكثر، وأن تخرج إلى خارج الصندوق المعتاد في التفكير وسياسة صندوق النقد التقشفية بأن تقدم كل ما تتطلبه العودة اقتصاديا بسرعة ومهما كلف الأمر الى ما قبل الجائحة على الأقل، وإلا فسيستمر التراجع لفترات طويلة من الزمن. اللّهم إني قد بلغت!

 

No comments:

Post a Comment