Thursday, November 28, 2019

الاقتصاد والبطل المرتقب

الاقتصاد والبطل المرتقب
د. يوسف منصور
26 2 2013
مرة أخرى يكون الحوار حول الشخص وليس المؤسسة أو السياسة التي سيتبعها الشخص، وها هو الأردن يتحدث من جديد وبنوع من النعاس والملل عن البطل الجديد المرتقب، لنرى ونعايش ما سيفعله البطل (الجديد أو القديم المتجدد) باقتصادنا الذي سيستلمه ومعه نحن ليفعل ما يشاء بأسواقنا المالية والنقدية والإنتاجية والعمالية، وكيف سيرفض النصيحة والمشورة لأنه سيصبح وحده حين التعيين عالم بكل شيء وحامل مفتاح الحقيقة والحلول. 
ماذا سيفعل هذا البطل بمديونية عامة بلغت 16.5 مليار دينار لتقارب 75% من الناتج المحلي،  ونمو اقتصادي حقيقي في العام الماضي وصل إلى 2.5 % وهو بذلك أقل من نسبة نمو السكان مما يدل على أن اقتصادنا يواجه ركود مزمن منذ ثلاث سنوات، وتضخم (مقاسا بأسعار المستهلك) وصل إلى 6.7%، مما يعني أن اقتصادنا يعاني ليس فقط من ركود بل ركود يصاحبه تضخم، وهو أحد أسوأ الأوضاع الاقتصادية التي يمكن أن تواجه أمة، ومعدلات فقر متسارعة وجيوب فقر تزداد عمقا، ومعدلات بطالة عالية ومزمنة يتحملها على الرغم مما نصدره من عمالة إلى الخليج العربي (حوالي 20% من القوة العاملة)؟
 هذا سؤال جاد يجب أن يجيب عليه البطل المرتقب قبل أن يعتلي صهوة هذا الجواد المرهق. نعم ويجب أن يجيب بكل شفافية وأن يقبل في إجابته بالجدل والأخذ والرد والتصحيح. فالدارج في الدول الديمقراطية (التي انضممنا إليها مؤخرا من خلال تجربة برلمانية فريدة) أن يكون هنالك ما يسمى بمنصة سياسية يرتكز عليها الرئيس المنتخب ويعتمدها الناخبين حين منح أصواتهم، ولكن بما أننا استبدلنا الأحزاب في الأردن بكتل، والمؤسسات بأشخاص، نختار الشخص ليقود ما يعتقد أنه يقود، ثم نسأله أو ندع لفكره أن يطرح لنا ما يريده هو من حلول وبناء على تربيته ودراسته وعلمه وتجاربه.
الغريب بأننا في الأردن حتى الآن لم ندرك سبب الفشل الذريع الذي نواجهه حتى الآن، وهو أن مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية هي مؤسسات إقصائيه (تقوم على مبدأ الاقصاء للآخر) وليست شمولية كما يجب أن تكون، كما أنها مؤسسات ريعية تستخرج الريع من العامة لتعطي الخاصة أو النخبة، وهي مبادئ أدت إلى فشل كل أمة اتبعتها على مر التاريخ. حتى الحوار بشأن الرئيس الجديد (أو القديم أو المستهلك) مع الكتل في البرلمان هو حوار إقصائي، يبعد عنه العامة ولا يمارسه إلا النخبة، وكأنه لا يخص كل شخص وبيت وشارع في الأردن، للأسف لم يأت بالجديد جديد، وأهلاً برفع الأسعار القادم، ودوام الحال وتراجع أنشطة الأعمال، وحلول البسطاء في الفكر والتدبير.  
ملاحظة: كتبت هذا المقال قبل 6 سنوات، وأعتقد مع تغيير بعض الكلمات نجد أننا لا نزال نراوح ذات الفكر، وهو الاعتقاد بقدرة البطل (سوبرمان) ونضعف المؤسسات، وهو نهج خاطىء حسب المشاهدات التاريخية للدول التي تقدمت. للشخص دور وللمؤسسة دور، ودور أكبر، مستقر، ومستمر...حتى حين يتغير البطل فالبلاد لا تدار كشركات، وكل من يعتقد بغير ذلك يجهل ما هو المعنى الحقيقي للتنمية ومتطلباتها.

No comments:

Post a Comment