تشير التقارير الأخيرة إلى أن ارتفاع في مؤشر أسعار المستهلك(CPI) ، وهو المقياس المستخدم عادةً لقياس التضخم (زيادة عامة ومستمرة في مستوى الأسعار في اقتصاد بلد). وقد وصف مؤسس النظرية النقدية في الاقتصاد، ميلتون فريدمان، التضخم بأنه "النوع الوحيد من الضرائب التي يمكن فرضها دون تشريع". وفي الأردن، أثبتت السياسة النقدية (السيطرة على العرض النقدي من خلال عمليات النافذة المفتوحة أو أسعار الفائدة) أنها غير فعالة في مكافحة التضخم. لذلك، ينبغي استخدام السياسات المالية وسياسات الاقتصاد الجزئي لاستهداف التضخم.
من منظور تنموي محض لا يعتبر التضخم ضارًا بالاقتصاد
على المدى القصير فقط، بل يعتبر ضارا على المدى المتوسط والبعيد أيضا، فالتضخم يجعل
الأغنياء أكثر ثراءً من خلال رفع أسعار ممتلكاتهم، ويزيد من العبء الضريبي على الطبقة
الوسطى التي تضطر لدفع المزيد من الضرائب، ويجعل الفقراء أكثر فقراً من خلال رفع
تكاليف ما يستهلكونه.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي التضخم الى تحسين
رفاهية ودخل الحكومة لأنه يؤدي ببساطة إلى جمع الحكومة للمزيد من الضرائب في حال لم يتراجع النشاط الاقتصادي بشكل كبير.
قال جون مينارد كينز ذات مرة: "من خلال عملية تضخم مستمرة، يمكن للحكومة أن
تصادر، سراً وغير رقيب أو حسيب، جزءًا مهمًا من ثروات مواطنيها".
وبلغ مؤشر أسعار المستهلكين في الأردن، بحسب دائرة
الإحصاءات العامة، 107.92 نقطة في تموز 2022 ، مقابل 102.45 في نفس الشهر من عام
2021، مسجلاً بذلك زيادة بنسبة 5.34 في المائة. وبشكل تراكمي، بلغ متوسط الرقم
القياسي لأسعار المستهلك للأشهر السبعة الأولى من عام 2022 105.77 نقطة مقابل
102.06 خلال نفس الفترة من عام 2021؛ وبالتالي، كانت هناك زيادة بنسبة 3.63 في المائة
في أسعار المستهلك. لاحظ أن هذه الزيادة تتماشى مع التوقعات بأن عام 2022 سيكون
تضخميًا بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، والحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة الطلب
بعد حقبة الإغلاق وحظر التجول التي تسبب فيها وباء الكورونا.
يجب تحسين جودة الإنفاق العام لمواجهة الضغط التضخمي
، الذي سيزيد من العبء على الفقراء، لا سيما في ظل معدلات البطالة المرتفعة،
وتزايد الفقر، والإغلاق المكثّف للشركات.
ولقد ساهمت المجموعات السلعية الرئيسية التالية في الزيادة
"الوقود والإنارة" (30.56 نقطة مئوية)، "النقل" (6.41 نقطة
مئوية)، "الإيجارات" (4.48 نقطة مئوية)، "الثقافة والترفيه"
(2.92 نقطة مئوية)، و"الصحة" (6.85 نقطة مئوية). لاحظ أن 37 نقطة مئوية من التضخم نتجت عن السلع
التي تقع ضمن اختصاص وسيطرة الحكومة.
يجب تحسين جودة الإنفاق العام لمعالجة ومواجهة هذا الضغط
التضخمي، الذي سيزيد من العبء على الفقراء، لا سيما في ظل معدلات البطالة المرتفعة،
وتزايد الفقر، والإغلاق المكثف للشركات. حيث تشكل النفقات الحكومية على الأجور
والمعاشات وخدمة الدين العام حاليًا أكثر من الإيرادات المحلية (الضرائب والرسوم)،
مما يدفع الحكومة للاقتراض لدفع الأجور. وعلى الرغم من ضعف القدرة
على المناورة في ميزانية الحكومة، يمكن أن يصبح الإنفاق العام مبنيا على الأداء،
ويمكن تحسين إدارة الدين العام. كما يجب على الحكومة أن تحاول زيادة معدل النمو
الاقتصادي لتقليل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وتسديد بعض الديون في نفس
الوقت مع ارتفاع دخلها نتيجة تحسن الاقتصاد. كما يجب تجنب السياسات العامة السيئة
والمفاجئة والمتسرعة بأي ثمن.
على مستوى الاقتصاد الجزئي ، وبما أن الغذاء يشكل جزءًا كبيرًا من ميزانية الفقراء، ينبغي تخفيض الضرائب والجمارك على المواد الغذائية وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. كما أن هناك حديث عن أن الحكومة ستخفض أسعار الوقود (وهو ما قد يكون مجرد إشاعة) بعد أن رفعتها خمس مرات هذا العام. ستكون هذه خطوة مرحب بها، لأنها ستقلل من ارتفاع تكلفة النقل في الأردن، الأمر الذي يؤثر كثيرا على ذوي الدخل المتدني والمحدود. علاوة على ذلك، ينبغي مراقبة ومعالجة أي ممارسات احتكارية تقوم برفع الأسعار أو تحد من الكميات من خلال الاتفاقات التواطئية أو التركز المتزايد أو إساءة استخدام القوة الاحتكارية أو الهيمنة.
No comments:
Post a Comment