يعانى الاقتصاد الأردني من نمو معدلات البطالة وارتفاعها، كما يعاني أيضا من ضعف تأثر معدلات البطالة بأرقام النمو الاقتصادي، والأكثر غرابة من ذلك انه في سنوات معينة، نما الاقتصاد ومعه معدل البطالة وهو ما يتعارض مع قواعد الاقتصاد. أيضاً، تعاني فئتي النساء والشباب في الأردن من ارتفاع معدلات البطالة مما وضع هاتين الفئتين المهمتين ضمن المجموعات الأكثر ضعفًا اقتصاديًا. قد يكمن أحد حلول البطالة في تعزيز وتطوير الاقتصاد البرتقالي في الأردن.
يستعمل هذا المصطلح (الاقتصاد البرتقالي) بشكل
متبادل مع الصناعات الثقافية، والصناعات الترفيهية، والاقتصاديات الثقافية،
والاقتصادات الإبداعية. وفقًا لليونسكو، يشمل
الاقتصاد الإبداعي 18 قطاعاً: الإعلان، والكتب، والصحف، والفنون البصرية،
والأفلام، والمجلات، والهندسة المعمارية، والألعاب، والموسيقى، والراديو،
والتلفزيون، والرقص، والحرف، والأزياء، والسياحة الثقافية، والتصميم، والبرمجيات،
والتصوير الفوتوغرافي. ومن السمات المميزة لهذه القطاعات أن منتجاتها تعتمد على
المواهب والإبداع والأصول الفكرية كمدخلات رئيسية. على الصعيد العالمي، تساهم هذه
الصناعات بنحو 30 مليون وظيفة، مع احتلال الفنون البصرية المرتبة الأولى بين هذه
الصناعات في التوظيف، تليها الموسيقى والكتب.
توظف الصناعات الإبداعية في الشرق الأوسط وأفريقيا حوالي
2.4 مليون شخص. وتبين البحوث الإحصائية أنه كلما انخفض دخل البلد، زاد انخراط
الشباب والنساء في الصناعات الإبداعية. وبالتالي، في بلدان، مثل الأردن، حيث توجد
معدلات بطالة مرتفعة بين النساء والشباب، سيكون الاقتصاد البرتقالي محركًا قابلاً
للتطبيق لإيجاد وظائف إضافية، رواتب أفضل، وأكثر استدامة.
لكي يتمكن أي بلد من تطوير صناعاته الإبداعية، وفقًا
لدراسة حديثة للبنك الدولي بعنوان "الاقتصاد البرتقالي: كمحرك لفرص العمل
للشباب"، يجب أن يكون لديه (الحكومة عادة) العديد من التدخلات في عدة مجالات:
تعظيم رأس المال البشري؛ توفير الوصول إلى التمويل؛ توسيع الوصول إلى الأسواق؛
تسخير التكنولوجيا الرقمية؛ وبناء الشبكات والتكتلات. هناك مجموعة من التدخلات
المحددة ضمن كل فئة من هذه الفئات. فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بتوفير الوصول
إلى التمويل، يستلزم هذا ما يلي: تقديم المنح، والقروض المبكرة/صندوق رأس المال
الاستثماري، والقروض الصغيرة، والضمانات، والتمويل الجماعي، والإعانات الضريبية.
تعتبر صناعة السينما من المكونات الناشئة في الأردن للاقتصاد
الإبداعي والتي أظهرت وعدًا حقيقيًا حتى الآن. فبالإضافة إلى العديد من الأفلام
الناجحة عالميًا التي تم تصويرها في الأردن (والتي وفرت أيضًا للأردن إعلانات
مجانية تقدر قيمتها بملايين الدولارات)، هناك العديد من الأفلام الأردنية التي تم
إنتاجها وإخراجها وتصويرها مؤخرًا في البلاد والتي نالت شهرة وجوائز عديدة وكذلك
في المحافل والمهرجانات والاحتفالات السينمائية الدولية.
ومع ذلك، فإن العديد من جوانب صناعة السينما تتطلب
الدعم إذا أريد لهذه الصناعة أن تصبح تنافسية عالميًا ومصدرًا رئيسيًا للتوظيف
وتوليد الإيرادات في الأردن. العنصر الرئيسي لهذا الدعم هو التمويل. ففي حين أن
الفيلم قد يتلقى بعض الدعم المالي من الهيئة الملكية للأفلام، إلا أنه يصعب على
المنتجين الحصول على تمويل من البنوك. علاوة على ذلك، وبسبب سعر تذكرة دخول
السينما، فإن الحضور في دور السينما في الأردن قليل جدا وذلك بسبب سعر تذكرة
السينما، حيث أن سعر التذكرة في الأردن يبلغ حوالي 10 دولارات وهو مبلغ يعتبر مرتفع
للغاية بالنسبة لدخل الفرد ويعادل 214 دولارًا أمريكيًا كسعر للتذكرة الواحدة في
الولايات المتحدة حين نقارن بين دخل الفرد في البلدين. فإذا كان هذا السعر المقارن
هو القائم في الولايات المتحدة، لن يذهب أحد لمشاهدة فيلم في السينما هناك. أيضًا، سعر التذكرة متساو
تقريبًا في جميع دور العرض، مما يحد من المنافسة السعرية.
لكن هذين تحديين فقط مما يواجهه القطاع من تحديات كتدريب
المحامين على صياغة عقود الأفلام، والحاجة لاستكمال البنية التحتية لإنتاج الأفلام. علاوة على ذلك، تواجه
صناعة السينما منافسة متزايدة من اقتصادات الخليج، والتي توفر العديد والكثير من
الحوافز لإنتاج الأفلام الأجنبية والمحلية هناك. لذلك، يجب على الأردن أن يضع
استراتيجية ويتحرك ببرامج قابلة للتطبيق لتنمية هذا القطاع وغيره من قطاعات الاقتصاد
الإبداعي حيث تحتاج القطاعات الأخرى في الاقتصاد البرتقالي إلى قدر من الدعم أيضًا
إذا أردنا معالجة البطالة بين النساء والشباب.
تمتع الأردن بفترات من النمو الاقتصادي غير المسبوق
في الماضي ورغم ذلك لم تنخفض البطالة بشكل مستدام.
يمكن أن يكون الاقتصاد البرتقالي وسيلة لتحقيق رواتب
أفضل ووظائف أكثر استدامة.
No comments:
Post a Comment